لم تكن الغارة التي حصلت في 16/3/2017 في تدمر كسابقاتها، وذلك لأسباب عديدة:

١- هي الغارة الاسرائيلية الأولى منذ التدخل الروسي، في سوريا، اذا اعتبرنا أنّ عمليات عسكرية أخرى تمت من خلال صواريخ بعيدة المدى.. 

٢- هي المرة الاولى التي تعلن عنها اسرائيل

٣- هي المرة الاولى التي تطلق فيها سوريا صواريخ مضادة للطائرات على الطائرات المعادية.

٤- تأتي الغارة بعد زيارة نتنياهو الى روسيا، والتي قال المتابعون انها لم تكن ناجحة. وربما تكون هذه الغارة تهدف الى خلق خطوط جديدة مع الروسي، بعد فشل الاتفاق معه في هذا المجال.

٥- تأتي الغارة في السياق نفسه الذي تتعامل فيه الادارة الاميركية الجديدة مع الوضع السوري، وهو يهدف الى:

- اخراج كل الدول، أو المنظمات التابعة لها، وترك الميدان للمكوّن السوري، ومن ثم العمل على تقاسم النفوذ في سوريا بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية.

من هنا كان التركيز على اخراج الايراني،وحزب الله، من الميدان السوري، وتقليم أظافر الايراني في الإقليم ، وهي الفكرة التي اكد عليها البيان بعد لقاء ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام، مع عدم ممانعة خروج التركي، وتسليم المناطق التي سيطر عليها لحلفاء الولايات المتحدة من السوريين، وضمان الا يكون هناك كانتون كردي في الشمال السوري.

لذا، لا نستطيع الفصل بين اطلاق السوريين صواريخهم المضادة للطائرات، وبين الرضى الروسي عن هذا الفعل الذي قد يشكّل رسالة قاسية للإسرائيلي، بأنّ الساحة السورية تخضع بالدرجة الأولى للنفوذ الروسي، وأنّ أي خطوط جديدة يريد الاسرائيلي رسمها، ستواجه بردّ مناسب. والأخطر ان هذه الغارة استهدفت مكانًا مجاورًا لمطار الشعيرات، الذي يعتبر المطار الأكثر أهمية للروس بعد قاعدة حميميم. فالطائرات الاسرائيلية او صواريخها مرت فوق، او بمحاذاة القاعدة الروسية..

٦- قد يرى الاسرائيلي نفسه بعد وصول ترامب الى البيت الأبيض أكثر حرية في حركته في الإقليم، عما كان عليه أيام ادارة باراك اوباما،

وقد تكون الغارة نوعًا من رسالة أرسلها الأميركي الى الروسي، عبر الاسرائيلي، مفادها أنّ الأمور بدأت تختلف عما كانت عليه سابقًا. وعلينا أن نجلس لتقاسم النفوذ.

لذا، لن يقبل الروسي، بتحجيم دوره، والقفز عن كونه عاد قطبًا كبيرًا، إن لم يكن أحد القطبين الكبيرين في العالم. لذا فإنّ تعميم الفوضى في السماء السورية، وعبور الطائرات من دون التنسيق معه،  بحجة  قصف قوافل تابعة لحزب الله، هي حجة واهية، كون تدمر منطقة صحراوية مكشوفة، وتبعد نحو 250 كيلومترًا عن الحدود اللبنانية، لذا فهي لا تصلح أن تكون خط إمداد، وإنّ الأهداف كانت للجيش السوري، ما قد يعيد حادثة الصورايخ التي أُسقِطَت في البحر، منذ سنوات. ولكن من المحتمل ان تكون الطائرات هي التي ستسقط، هذه المرة. 

أخيرًا، يؤشّر هذا الدخول العلني الاسرائيلي في الحرب السورية، عقب التدخل الأميركي المباشر على الأرض، وليس عبر حلفائه، بالإضافة الى الوجود الروسي المعروف، ووجود المقاومة والايراني؛ على أنّ الأمور في الساحة السورية أصبحت مفتوحة على مصراعيها، وأنّ معركة عض الأصابع 

هي في ذروتها اليوم.

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع