لم يعد خافياً سعي ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان لاستمالة عدد كبير من الدول على رأسها الولايات المتحدة لتشكيل جبهة قوية لضرب "المد الفارسي" كما يسمى في الادبيات السعودية.

ولعل أبرز مصاديق هذا الهدف تمثَّل في زيارة ابن سلمان لواشنطن ولقائه المطول مع الرئيس ترامب والذي تبعه اعادة ترتيب العلاقه مع مصر لجهة اعادة تصدير مشتقات النفط من قبل شركة "آرامكو"، بالاضافة الى اللقاء الثنائي بين الملك سلمان والرئيس السيسي على هامش القمة العربية الأخيرة في عمَّان. 

كما أن البيان الختامي للقمة المذكورة جاء بدفع سعودي كبير لإدانة التدخل الايراني في الشؤون العربية وذلك بموافقة او عدم ممانعة الدول العربية مجتمعة الا ما ندر.

السعي الدؤوب لتشكيل الحلف المنشود يحتاج لغطاء عربي ودولي كبير مع موافقة الولايات المتحدة وربما عدم ممانعة من قبل دول كبرى كروسيا والصين مثلاً اذا ما تم استهداف ايران عسكرياً بشكل مباشر. ولعل ذلك يحتاج الى حلف يتمتع بقوة سياسية وغطاء كبير فضلا عن القدرة العسكرية. هذا ما اشارت اليه صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في مقال نُشر الاسبوع الماضي عن مؤتمر سيعقد في واشنطن الصيف المقبل (لم يحدد التاريخ بدقة) يجمع السعودية ومصر والامارات والاردن الى جانب اسرائيل تحت مظلة اميركية بطلب من الرئيس دونالد ترامب.

في مقابل ذلك كله وفي العودة الى الداخل السعودي فإن ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف يبدو انه ينتهج نهجاً متمايزاً عن ابن عمه محمد بن سلمان لجهة العلاقة مع ايران وكيفية المواجهة.

ولعل ذلك ظهر واضحا في أكثر من ملف تمت مقاربته بطريقة مختلفة، كموضوع الحجاج الإيرانيين بعد أن قدمت السعودية دعوة رسمية لمنظمة الحج الايرانية، وتم الاتفاق على السماح لخمسة وثمانين الف حاج ايراني بأداء المناسك العام المقبل وذلك بالتوافق بين الجهتين*.

في حين يسعى بن نايف لتخفيف التوتر مع ايران للتفرغ لعلاج المشاكل التي تعصف بالداخل السعودي اقتصاديا واجتماعياً لاسباب كثيره ابرزها تراجع اسعار النفط منذ أكثر من عامين الى ما دون النصف ما اثر بشكل كبير على الاقتصاد السعودي، ويترافق ذلك مع الحروب التي فتحها ابن سلمان والتي تكلف السعودية مبالغ طائلة باتت تشكل عبء كبيرا. يضاف الى ذلك الصراع الذي بدأ يتمظهر بشكل كبير بين هيئة الترفيه بقيادة ابن سلمان والتي تحاول ان تجعل من السعودية بلداً منفتحاً على غرار عدد من الدولة والامارات الخليجية وبين المدرسة الدينية الوهابية التي تصر على الحفاظ على الضوابط الاخلاقية والاجتماعية المرعية الاجراء... كما نقلت مصادر من داخل الديوان الملكي ان ابن نايف بصدد عزل ابن سلمان بعد وفاة الملك وذلك منعاً لأي حركة غير محسوبه قد تدخل مملكة آل سعود في نفق مظلم غير معروف النهاية.

في ضوء التجاذبات الحادة والاختلاف الكبير في وجهات النظر في كيفية ادارة المملكة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية... يبدو أننا امام صراع بين المحمدين بدأ يأخذ طابعا حاداً. في السياق نفسه بدأت المملكة بالتحسب على اكثر من صعيد اقتصادي واجتماعي والشأن الداخلي غير المستقر حيث تفيد معلومات بأن أكثر من 80% من خريجي الجامعات في المملكة هم عاطلون عن العمل... ما يشير الى ان المملكة مقبلة على فترة حساسه لجهة تقديم نفسها كقوة اقليمية عظمى قادرة على فرض رؤيتها في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى قدرتها على الاستمرار والتطور وفق رؤية محمد بن  سلمان 2030 وعدم تعرض النسيج السعودي الاجتماعي لاضرار قد لا تُحمد عقباها في المستقبل القريب.

عليه، هل تدعم الادارة الامريكية توجهات ابن سلمان ورؤية المملكة 2030 في ظل الانسجام المقبول الى حد ما بين الرئيس ترامب وتوجهات ابن سلمان الهجومية في أكثر من ملف، أم ان هدوء محمد بن نايف وتعاطيه الحذر مع ملفات المنطقة قد يغري الادارة الامريكية لتفضيلة على اندفاعة ابن سلمان غير المحسوبة في كثير من الاحيان...؟

المصدر: شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع