انقضى النهار، وسوريا محور الاحاديث ومحور الخبر ومحور الدنيا، اليوم الذي بدأ بعبارة "فعلها الأحمق" والمقصود احمق البيت الابيض على وجه الخصوص (وهو لا يتفرد بالحماقة بل يتبادل فيها الخبرات مع مرتزقته وادواته ولا سيما الملوك منهم). هدد ترامب بنفس الطريقة التي يمكن ان نتخيل فيها الفأر مهددا ملك الغاب في قصص ابن المقفع (او في حكايات لافونتين لأصحاب الثقافة الغربية حصرا). شن عند الفجر هجوما صاروخيا على سوريا، وبدأ النهار.

تحليلات من كل حدب وصوب. تعليقات. هنا شجب واستنكار بلا قيمة، وهناك تهليل وقح وذليل. وبين هنا وهناك، بقي الصامدون على صمودهم وبقي الحديث الحقيقي هو ما تخطه ساحات المعارك.

ولهذه الساحات ابطالها الذين ايديهم من شمس، وشرفهم من غار، واقدامهم في الارض ثابتة ولا يتراجعون. مهما كان درب الحق موجعا، مهما طال النزف.. لهذه الساحات، حيث موازين القوى ونتائج المعارك، الكلمة الفصل. وعند هذه الكلمة تصبح بيانات الشجب والادانة التي لا يذيلها السلاح بلا قيمة تذكر. وكذلك، يصبح ادعاء الحياد والموضوعية "المتفزلكة" ضربا من الخيانة المقنّعة، نوعا من اخفاء التشوه الوطني الذي لا تزيده مساحيق النأي بالنفس التجميلية الا قبحا.

اما اولئك الذين اجتمعوا يهللون للضربة فالعار ليس جديدا عليهم. واصلا لو ارتدوا غيره يوما سيبدون كمهرجين يحتار الحضور في الضحك عليهم، او البكاء لأجل أمة هؤلاء حكامها.

حسنا، صمدت سوريا، خلايا التكفير فشلت وما عادت تمتلك شيئا تقدمه لمشغليها. الضربات الصهيونية لم تشكّل فرقا على ارض المعركة. والنزيف المستمر ورائحة الدم المسفوك لم تتمكن من محو عطر الياسمين الذي خضّب قلوبنا جميعا بعزّة انتمائنا للعروبة وطنا لا بديل عنه وانتماء لا نملك ان نفرط به. ومع سوريا، صمد هذا الوطن كاملا ممثلا بمقاوميه على كل ارض عربية، والذين كتبوا اساطير البطولة ذاكرة للأيام القادمة، حيث سيصبح هذا الزمن تاريخنا البهيّ، المعمّد بالدم وبالنار وبدمع كثير.

تاريخنا هذا الذي سيذكر كيف حكم الاردن ملك مجبول بالخيانة وبالخسة انهك يديه التصفيق للصهاينة حينا ولأذنابهم حينا، وما انتبه انه في احسن احواله ليس اكثر من ذنب مبتور برتبة ملك. وسيذكر التاريخ ملعونين من سلالة فاسدة موّلوا وحرضوا ودفعوا من خيرات ارض الحجاز المغتصبة اثمان قتل وتشريد وتفكيك الحق العربي. وسيذكر كيف جمعوا المرتزقة من ذباحين ومهووسين ومخدرين لقتل الناس في العراق وسوريا ولزرع الموت في كل ارض تشهر ضدهم المقاومة نهجا وسلاحا وعقيدة، فتوجعهم وتحرجهم وتعري عمالتهم وعجزهم. سيذكر التاريخ كيف تحولوا الى مسعورين يوم شنوا الحرب على اليمن وكيف صمدت بلاد العز لأن بها اصل الكرامة العربية، وما السلاح الا حامي الكرامة.

اليوم، ليس اول ايام الحرب وليس اخرها. لكننا اليوم نحتاج ان نقول، ان مطار الشعيرات هو فلسطين.. هو اليمن.. هو العراق.. هو ليبيا هو البحرين هو لبنان.. هو كل ارض عربية تواجه النار بالجفن ولا تستسلم.. هو قدرنا المكتوب راية من غار تكتب ان لا خيار الا منتصرين او شهداء..

المصدر: شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع