"عصام" المعروف بفرادة أفكاره وأعماله للخشبة، تعاون على النص مع الممثل "سعيد سرحان"، وعلى الدمية بطلة العمل مع صانعها "وليد دكروب"، ومحرّكها والناطق بلسانها "رشاد زعيتر"، وهات يا أفكارفلسفية نابعة من المبرر الوجودي لكل واحد منا.
كان الآدمي العادي بطلاً للنص ولكل فكرة مطروحة مع تحدّ لكل معترض على صيرورة الأفكار والمبادئ السائدة في يومياتنا، فالإسقاطات المعتمدة لا توفّر أي هم ميداني يواجهه الإنسان، في عمله وغذائه والأحكام الهابطة فوق رأسه أينما حل، فإن صمت مات كمداً، وإن حكى مات في غياهب السجن، هذا واقعه وهذه حاله.
"مأساتي" يرويها الممثل "زعيتر"مع دميته في ال" a one puppet show"، الدمية ليست أقل تعبيراً من الممثل الذي عليه رسم كامل التعابير على محياها لكي يتآلف الكلام مع الصورة المطلّة على الجمهور، والدمية شكرت في ختام العرض من صفّقوا لها بحرارة، ووجّهت القبلات الحارة لكل الحاضرين كما أي نجم آدمي يقول شكراً للمعجبين.
كل ما في المسرحية يشي بالخصوصية ويُقحم الأزمات الحياتية كلها في أجندة الدمية بحيث تقوم بدورها في الرصد والشرح والإنتقاد وصولاً إلى إستنتاجات وجودية تؤكد موت العديد من الأحاسيس فيما الرهان على بعضها الحاضر رسماً وليس فعلاً قادراً على التغيير.
الدمية تبكي، تنفعل، تصرخ وتحكي بصوت متهدّج أو مباشر شجاع لا فرق، حتى أنها تضرب على الطاولة أو تعلن إصابتها بضربة قاتلة فتلقي برأسها على الطاولة الرحبة المساحة طمعاً في بلوغ أسمى حالات الحياة، السعادة.و"مأساتي" تنفرد في التغريد لمجرد أنها حية، لكنها مثل محرّكها غير مصدّقة أنها تتنفس وتتحرك وقادرة على الإعتراض وشتم الحالة السائدة، تريد المسرحية منا أن نشكر الحياة لأنها تتمادى في البقاء معنا وفينا وصولاً إلى تصديق أننا فعلاً أحياء رغم ملامح الموت التي لا تنفك تنخر في كل مسامّنا وهمها أن يدب الإحباط فينا حتى العظام،لكن منطق الحياة ينتصر متجاوزاً الحضور القوي للموت اليومي.

المصدر: ميادين نت