كميل أبو حنيش حضر إلى العالم عام 1975، وقبل أن يتم الثلاثين من عمره، اعتقل في العام 2003، وكان قد حصل قبلها على بكالوريوس اللغة العربية من جامعة النجاح الوطنية في نابلس، وقد حكم عليه بالسجن 9 مؤبدات، و78 عاما، إضافة إلى غرامة 60 مليون شيقل (16 مليون دولار)، من المفروض أن يدفعها لأسرة مستوطِنة وأبنائها الثلاثة الذين قُتلوا في عملية "إيتمار" في حزيران 2002.

تهمته كانت ممارسة نشاطات عسكرية ضد أهداف "إسرائيلية"، واتهم مباشرة بترؤس الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "كتائب أبو علي مصطفى"، في شمال الضفة الغربية، وقد تم هدم منزل عائلته المكون من ثلاثة طوابق قبل اعتقاله، كما أن شقيقيه جورج وفؤاد اعتقلا أيضاً لفترات متفاوتة.

تعرض أبو حنيش لمحاولة اغتيال عبر سيارة مفخخة في العام 2001 أثناء فترة مطاردته، وأصيب خلالها بجروح متوسطة.

في السجن كتب كميل عدداً من الروايات، نشر بعضها مثل رواية "خبر عاجل"، و"بشائر"، و"وجع بلا قرار"، وله بعض الروايات والأعمال الشعرية في انتظار الطباعة.

في بداية العام 2017، قررت إدارة السجون إنهاء عزل كميل، بعد ساعات قليلة من إعلانه إضراباً مفتوحاً عن الطعام، إضافة إلى تهديد الجبهة الشعبية في السجون بالبدء بخطوات احتجاجية في كافة السجون احتجاجا على استمرار عزل قائدها.

مقاطع من مقالة له بعنوان "أرض اللبن والعسل":

كان صباحا قارص البرودة في السابع والعشرين من كانون الأول 2016، وها نحن أثناء نقلي من سجن جلبوع المركزي إلى سجن نفحه الصحراوي، أصعد إلى سيارة البوسطة مكبلا بالقيود، كانت السيارة تعج بالأسرى الفلسطينيين والجنائيين اليهود والعرب، يرتدي الأسرى الفلسطينيون الذين يطلق عليهم "الأمنيين" اللون البني بينما يرتدي الجنائيون الزي البرتقالي، أخط خطاي داخل البوسطة باحثاً عن مكان فارغ ولم أجد يومها سوى مكان واحد بجانب شاب من ذوي الزي البرتقالي وملامحه توحي بأنه ليس عربيا.

في الدقائق الأولى من الحوار تكشف لي بأنه لا يعرف شيئاً عن سكناه ولا عن البلد التي يعيش فيها ولا عن تاريخها أو جغرافيتها أو مجتمعها، أدهشني "راج" وهو يروي لي حكايته ببساطة وعفوية وكأنه صديق قديم، قال لي بأنه قادم منذ 3 سنوات من المكسيك..."

"...ولم يجد أمامه خيارا سوى الاستماع إلى والده الذي دفعة بالهجرة إلى "إسرائيل" والإقامة مع جدته العجوز في نهاريا..."

"...جده إيراني الجنسية بينما جدته من مدينة حلب السورية..."

"اقترح عليه جده الانخراط في الجيش، لكنه رفض الفكرة ووجد نفسه منخرطا في عالم تجارة المخدرات إلى أن قادته قدماه إلى السجن..."

"...كنت أتساءل وأنا استمع إلى راج وهو يروي لي عن حياته، كيف لهذه التعددية في الهويات أن تتعايش داخل الإنسان..."

"... سألته هل تعرف شيئا عن تاريخ هذا البلد وعن الصراع الدائر فيه، وجدت "راج" يجهل كل شيء وهو لا يعرف شيئا عن تاريخ هذا البلد ولا حتى عن أرض صهيون أو المشروع الصهيوني، وأين نشأت دولة إسرائيل لا يعرف ولا عن النكبة أو حرب حزيران 1967، لا يعرف ما هي القضية العربية وقطاع غزة ولا الضفة، كل ما يعرفه هو خليط مشوش من المعلومات التي يجمعها من هنا أو هناك، وحين رويت له باختصار عن الصراع والحروب والتاريخ والادعاءات الصهيونية أبدى راج دهشته وبدا متعاطفا كليا مع القضية الفلسطينية وعندها أدركت تماما أن راج لا ينتمي نهائيا لهذه الدولة ولا للمشروع الاستيطاني..."

"...تمنيت لراج الحرية من كل قلبي، كما تمنيت أن نلتقي ويدعوني إلى بيته في المكسيك..."

"قلت له: أتعرف ماذا يصف الصهاينة هذه البلد؟ بهدف تشجيع اليهود للهجرة إليها أجاب: لا أعرف، قلت له: إنهم يصفونها بالبلد التي بها لبن وعسل، ابتسم راج بمرارة وصمت طويلا قبل أن يقول: إنها بلد اللبن الأسود والعسل المر..."

المصدر: وفا