قوّةٌ واقتدارٌ، حضارةٌ ورقيٌّ، ومعين العلم لا ينضب. والتّربية عماد العلم، وركيزة التّقدّم والتّكامل، فاقتران العلم والتّربية مُلزِمٌ في قانون سير المجتمعات، بالتّربية يزكو العلم والعلم مضمار الحركة التّربويّة، والمتصدّي ببراعة يستحقّ كلّ الإجلال.
 إنّها المُهمّة، من قبل كانوا أنبياءً ورسلاً، واليوم تبقى الجدارة رهن عطاء المعلّم المربّي، فلا حدود الزّمان والمكان تكفي لبناء الأجيال، حيث إنّ اختيار الزّوج (ذكراً أو أنثى ) قبل أن يولد الإنسان، خطوةٌ من خطوات التّربية، وحيثما انطلق هذا الإنسان منذ ولادته فمدرسته، وإن تبدّلت الأمكنة وتبدّل الأشخاص، هي كلّ ما يكتسب من علومٍ وتجاربٍ تنير له درب الحياة الغامض، وبالتّالي فإنّ كلّ من ساهم في إنارة طريق هذا الإنسان وأرشده عند المنعطف لهوَ بحقّ معلّمٌ بارع.
فهل العلم حصرٌ بالمدارس وللمدارس (بمفهومها الحاليّ)؟ وكيف نربط التّعليم بمسيرة حياة المجتمعات؟؟
"إنّ من دوافع التّعليم، العشق والمحبّة والشّعور بالمسؤوليّة، ذلك بأنّ المعلّمين يقومون ببناء المستقبل بقناعة، ويحملون على كاهلهم أعباء تربية الشّباب والنّاشئين بشهامة وصبر وهدوء".  والكلام لسماحة السّيد القائد (دام ظلّه).
هكذا تتبلوَر الأهداف وتُرسَم، فالتّعليم رسالةٌ إنسانيّةٌ لا تنحصر فقط بتلقين بعض المعلومات في ذاكرة حاسبٍ آليٍّ، إنّما الدّور منوطٌ ببناء الحاضر والمستقبل لأجيالٍ تعي عالَمها، وهذا يتطلّب تضحيةً وصبراً ومثابرةً في سبيل تطوير المناهج المواكبة للتّقدّم العلميّ وثوابت القيَم والأهداف، وغير العاشق المحبّ للعلم والعطاء لا يستطيع الصّمود في خضمّ هذه السّاحة المليئة بتبدّل الأحداث وتزاحمها.
فصراع اليوم ليس حرباً عسكريّةً فحسب، إنّما الميدان الأسهل للنّفوذ والسّيطرة كان منذ بدء الثّورات العلميّة هنا وهناك، هو التّقدّم العلميّ والتكنولوجيّ وحرب الثّقافات. وهنا يقول سماحة القائد (دام ظلّه):
"لطالما صرّح المفكّرون في السّياسة الغربيّة، بأنّه بدلاً من أن نعمد على غرار فترة الاستعمار في القرن التّاسع عشر إلى احتلال البلدان، وتعيين حاكم عسكريّ، وبذل الأموال، وتزويد الجماعات هناك بالأسلحة، وإثارة الصّراعات والحروب، الأفضل والأسهل والأقلّ كلفة، هو أن نقوم باستقطاب شخصيّاتهم من النّخب، وبثّ أفكارنا فيهم، وإيفادهم إلى بلدانهم، فيتبدّلون إلى جنودٍ لنا من دون أن ندفع لهم رواتب !".
على كلّ من ينتمي إلى طاقم التّعليم والتّربية أن يعيَ هذا الخطر، فهم لم يوفّروا أيّة وسيلة ليتحوّل العالم إلى النّمط الّذي صاغوه حسب قيَمهم الإستعماريّة الّتي أفقدت الكثير من الأمم ثقتها بصوابيّة أهدافها ومبادئها وباتت اليوم تسلك مناهج الإستعمار بخطوات الواثق المتحضّر دون أن تدري إلى أيّ الحُفَرِ تُساق، من الأمثلة الّتي تطرح في مجال التّنميط هو التّرويج للّغة الإنكليزيّة، فإنّ حصر التّعليم بهذه اللّغة والتّمسّك والإصرار على اعتمادها كلغةٍ رسميّةٍ هو عمل غير سليم كما عبّر سماحة القائد (دام ظلّه)، مضيفاً بأنّه من الممكن اعتماد لغاتٍ أخرى لها من الشّياع ما لا يقلّ عن اللّغة الإنكليزيّة. ومن جملة ما قال (دام ظلّه):
 "لا أقول: أن نعمد غداً إلى تعطيل تعليم اللّغة الإنكليزيّة في مدارسنا. كلّا، ليس هذا ما أقوله، وإنّما أردت القول إنّ علينا أن نعرف ماذا نفعل، وندرك ما هو الجيل الّذي يريد له الطّرف الآخر أن يتربّى في هذا البلد وما هي مواصفاته وخصاله".
فكيف إذاً سنُربّي جيلنا الثّوريّ؟؟
يضيف سماحته (دام ظلّه) بالقول: "فلنربِّ شبابنا على أن يتّبعوا سياسةً مستقلّةً، واقتصاداً مستقلاً، وثقافةً مستقلّةً، وأن لا تنمو لديهم روحيّة التّبعيّة والرّكون إلى الآخرين والإعتماد عليهم والرّجوع لهم".
في قاموس التّربية المنزليّة، نرى كيف تعمَدُ الأمّهات إلى تنمية الرّوح الإستقلاليّة لدى طفلها دون أن تترك مهمّة الإرشاد والإشراف والمتابعة، كي تُنمّي في صغيرها الإعتماد على الذّات والثّقة بالنّفس والقدرات، وهذا ما نحتاجه اليوم ليس فقط في منازلنا مع الأطفال، وإنّما يتحوّل أيضاً في السّياسات التّربويّة إلى معلَمٍ من معالم الجيل الجديد، ثمّ يقول سماحته (دام ظلّه):
"فليتعلّموا التّفكير، والمشاركة الإجتماعيّة، والإبتعاد عن حالات الإنزواء الإجتماعيّة المرفوضة، والتّكافل الإجتماعيّ الّذي يحمل معنىً إسلاميّاً سامياً للغاية".
كلّ هذه المفاهيم الإجتماعيّة يتعلّمها الطّالب من المعلّم، وهي لا تحتاج مختبراتٍ للتّجارب ولا أدوات ماديّة، إنّما تُكتَسَب من شخصيّة المعلّم وطُرق تعامله مع طلّابه، بالفكر، بالنّصيحة، والخلق الحسن، كي تصبح جزءاً من كيان الطّالب وخلفيّته الثّقافيّة، ليس فقط مجرّد مصطلحات وشعارات نطلقها هنا وهناك.يقول سماحة القائد (دام ظلّه):
 "" ترشيد الإستهلاك ونموذج الصّرف الصّحيح، هذا ما يجب تعليمه للشّباب والنّاشئين من.

المصدر: شاهد نيوز