لا يزال من المبكر التأكد بين أيٍّ من المرشحين ستنحسر معركة الانتخابات الرئاسية الإيرانية المرتقبة في 13 أيار الجاري. لكن ما ظهر حتى الآن يُنبئ بالتكتيكات والانسحابات التي قد يخوضها كل من التيارين، بهدف الإبقاء على المرشح الأوفر حظاً
طهران | تشهد إيران معركة رئاسية حامية برز أول معالمها مع انطلاق الدعاية الانتخابية وتقديم المرشحين الستة برامجهم. وفيما تتضح مؤشرات المواجهة الرئاسية بانقسامها إلى شطرين، يبدو التيار المحافظ داعماً لثلاثة مرشحين، هم رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، ومسؤول العتبة الرضوية السيد إبراهيم رئيسي، ومرشح حزب «المؤتلفة» مصطفى ميرسليم. أما التيار الإصلاحي، فيدعم ترشّح كل من الرئيس الحالي الشيخ حسن روحاني، ونائبه الأول إسحاق جهانغيري، والمرشح الإصلاحي المنفرد مصطفى هاشمي طبا.
المناظرة التلفزيونية وبرامج الدعاية أظهرت انحصار المنافسة بين محمد باقر قاليباف، وإبراهيم رئيسي، من جهة، وإسحاق جهانغيري، والرئيس الحالي حسن روحاني، من جهة أخرى، مع الإبقاء على عامل المفاجأة الذي قد يحصل كما حدث في انتخابات الرئاسة عام 2005، بوصول المرشح المغمور حينها محمود أحمدي نجاد إلى سدّة الرئاسة، خلافاً للتوقعات والإحصاءات.
من جهته، وكما هو متوقع، اعتمد التيار الإصلاحي نظرية «مرشح الظل» التي أرساها آية الله هاشمي رفسنجاني. وربما بيّنت المناظرة الأولى أن المرشح إسحاق جهانغيري دخل المنافسة، ليس للبقاء فيها، بل لدعم الرئيس روحاني بوجه منافسيه الذين يحملون الكثير من الملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لمواجهته وسؤاله عن الإنجازات التي تحقّقت في عهده ونسبة الوعود التي استطاع تنفيذها، في خلال السنوات الأربع من حكمه. وقد نجح «المرشح الظل» في استيعاب الهجوم والتخفيف من وطأة الانتقادات اللاذعة التي وُجهت إلى أداء الحكومة، خصوصاً من قبل المرشح محمد باقر قاليباف، إضافة إلى أسئلة محرجة وُجهت إلى روحاني من قبل منافسيه، تولى هو وجانغيري توزيع المهام للإجابة عنها.
المناظرة التلفزيونية لم تدخل في الملفين الاقتصادي والسياسي بعد، وهما الملفان الأساسيان اللذان يمكنهما أن يمنحا الناخب الإيراني القدرة على اتخاذ القرار، ذلك أنهما يمثّلان أهم المشاكل التي تعاني منها الجمهورية الإسلامية.
وحتى الآن، لا انسحاب لأيٍّ من المرشحين من دائرة المنافسة، فيما يبدو الجميع مصمّماً على استكمال السباق الرئاسي حتى النهاية، أي حتى آخر مناظرة تلفزيونية، قبل أيام على الدخول في الصمت الانتخابي. بالتالي، ستشهد الأيام الأخيرة من فترة الدعاية الانتخابية عملية استقطاب للأصوات عبر انسحابات تكتيكة، لتبقى الأنظار متجهة إلى المرشح جهانغيري الذي من المتوقع أن ينسحب لمصلحة روحاني، بعد أن يتم مهمة الدفاع عن أداء الحكومة. ويأتي ذلك بينما تدعوه بعض الأصوات في التيار الإصلاحي لاستكمال السباق حتى النهاية، مطالبة بانسحاب روحاني لمصلحته، وهو أمر مستبعد جداً، ولكن ليس مستحيلاً.
في الطرف المقابل، تقف الماكينة الإعلامية للتيار المحافظ، وخصوصاً عبر «جمنا» ــ وهو التيار الشعبي لقوى الثورة الإسلامية الذي تبنّى ترشّح قاليباف ورئيسي ــ لضمان وجود مرشح واحد في يوم التصويت. لذا، ستلعب عملية التقدير الداخلي والإحصاءات الخاصة داخل التيار المحافظ دوراً أساسياً في تحديد هوية الأوفر حظاً بين المرشحين الرئيسين، لتكون عملية الانسحاب التكتيكة وتجيير الأصوات لمصلحة مرشح واحد يجنّب هذا التيار تجربة الخسارة التي واجهها في الانتخابات الرئاسية السابقة.
التعقيدات السياسية وصعوبة المواجهة بين المرشحين وانتقاد المحافظين للحكومة الحالية من جهة، وتحميل التيار الإصلاحي الحكومات السابقة مسؤولية فشل بعض السياسات الاقتصادية والسياسية من جهة أخرى، قد يوزّعان الأصوات ويؤديان إلى مرحلة ثانية من الانتخابات، بسبب عدم قدرة الحسم من المرحلة الأولى. ويدخل هذا الأمر في باب التنبؤات، في ظل وجود دائم للمفاجآت في كنه السياسية والحياة الإيرانية.
في غضون ذلك، تبقى غالبية الإحصاءات التي تقوم بها الأحزاب السياسية طيّ الكتمان، فيما تُسرّب بعض المؤشرات غير الدقيقة، بينما يرفع كلّ طرف أسهم مرشحه «للّعب على اللاوعي عند الناخب الإيراني»، وهي لعبة باتت مكشوفة المعالم.