مع تعقيدات الواقع الإخواني الداخلي ومطالب قواعد التنظيم في مصر بضرورة الاصطفاف مع «رفقاء ثورة يناير» و«مناهضي 30 يونيو»، فضلاً عن زيادة وتيرة الأحكام القضائية ورفض النظام أي محاولات للتفاوض، تنوي القيادات التاريخية إعلان «مبادئ حاكمة» للاصطفاف السياسي. 

إسطنبول | تشهد مدينة إسطنبول التركية، الأسبوع الجاري، مؤتمراً «مهماً» سيشهد إعلان قيادات من جماعة «الإخوان المسلمون»، بجانب ما يُقال إنها «قيادات إسلامية وليبرالية ويسارية ومستقلة»، رؤية لـ«مبادئ حاكمة» للتوافق السياسي بين أطراف المعارضة للنظام المصري، وذلك ضمن ما وصفوه بأنه «مشروع جامع للجماعة الوطنية المصرية».

ومن المتوقع، كما تتحدث مصادر إخوانية، أن يتضمن هذا الإعلان «شخصيات مصرية ليبرالية» خاصة مع زيادة وتيرة الحديث عن ضرورة الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2018، وضرورة توفير بديل سياسي ينافس الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ظل تقويم يقول إن «ثمة رغبة خليجية في إنهاء مشروع الرجل السياسي والضغط عليه لمنعه من الترشح مرة أخرى».
ويذهب البعض إلى إدراج عودة حمدين صباحي، وهو المرشح الناصري السابق والخاسر في الرئاسيات السابقة أمام السيسي، إلى الظهور الإعلامي يوم أمس، في هذه الخانة، إذ تحدث بوضوح عن «ضرورة الحشد الشعبي والسياسي» من أجل ترتيب الأوراق خلف مرشح جديد. علماً بأنّ عارفي حمدين صباحي يدركون استحالة تلاقيه، أو تلاقي أي وجه مدني معارض، مع «الإخوان».
لكن بانتظار معرفة ما سيصدر عن المؤتمر المرتقب ومعرفة هوية الشخصيات المشاركة، فإنّ دخول صباحي إلى الملعب مرة أخرى يعيد إلى الأذهان ما رُوِّج في خلال الأيام القليلة الماضية، وفيه أن القوى المدنية في مصر «تسعى إلى تجهيز المرشح الرئاسي السابق المحامي خالد علي، لخوض التجربة مرة أخرى»، خاصة بعد الشعبية التي نالها الرجل جراء نجاحاته في ملف جزيرتي تيران وصنافير المتنازع عليهما بين مصر والسعودية.
في المقابل، استبقت السلطة في القاهرة الكلام المتناثر في الخليج وأوروبا حول الانتخابات، وهي الآن كما تفيد تصريحات المستشار حسن ياسين (رئيس المكتب الفني والنائب العام المساعد الأسبق) تسعى إلى الاستعانة بالبرلماني محمد أبو شقة، المقرب من النظام، لتجهيز تعديل دستوري يجعل انتخاب رئيس الجمهورية عبر البرلمان، مع العلم بأنّ مصادر رسمية مصرية ما زالت تؤكد أنّ «فرضية انتخاب الرئيس من طريق البرلمان غير واردة مطلقاً».
أما بالنسبة إلى قيادات «الإخوان» التاريخية، فهي الآن تسعى إلى تقديم مشروع جديد إلى قواعدها بعد الإخفاقات التي شهدها التنظيم وحجم الانشقاق الكبير اللاحق، وذلك بتأكيد قدرتها على حشد المعارضة في الخارج خلف ورقة سياسية جديدة عمودها الفقري «ثورة يناير»، لكن مع غض الطرف عن عودة محمد مرسي، مرة أخرى إلى السلطة، وهو المبدأ الذي يشكّل أزمة حقيقية بين طرفي الجماعة المتنازعين حالياً.
بعد ذلك، ستصدر هذه القيادات بياناً توضيحياً في الداخل بالمقام الأول ثم للخارج، وفيه «تأكيد شكلي لشرعية محمد مرسي»، والهدف هو امتصاص غضب قواعد الجماعة المتوقع. وفي سبيل ذلك، هي تفاهمت مع الأطراف السياسية الأخرى على أن هذا البيان لن يخرج عن كونه ورقة إعلامية للتنظيم في الداخل، كما يفيد بذلك لـ«الأخبار» قيادي إخواني يقيم في الدوحة.
أما الجانب الآخر من «الإخوان»، المحسوب على «جبهة محمد كمال»، فرفض المبادرة بالكامل، ورأى فيها «تنازلاً عن شرعية الثورة المصرية وعن الرئيس مرسي وتضحيات شباب الإخوان». ووفقاً لتصريحات مسؤولين في هذه الجبهة، فإنهم يؤكدون أن «المكتب العام في الداخل المحسوب على جبهة الشباب سيصدر بياناً تصحيحياً لرفض مبادرة الإخوان المتوقعة».
وعلمت «الأخبار» أن المبادرة استُعين فيها بخبراء دوليين لصياغتها جيداً بعيداً عن الإطار التقليدي الذي تخرج به كل مبادرات «الإخوان» السابقة لتقول الجماعة إن «الصراع في القاهرة ليس صراعاً بينها وبين الجيش، بل بين السلطة الحالية والشعب المصري كله»، وذلك إلى جانب أنّ مصدراً عربياً ربط «أي تحرّك راهن للإخوان، بالتوجه الأميركي الجديد في المنطقة».
أيضاً، شارك إخوان قطر في المناقشات الجارية، وقدموا مقترحاتهم بخصوص ضرورة توسيع دائرة المشاركة السياسية مع «ألوان الطيف السياسي المصري والمعارضة في الخارج»، فضلاً عن ضرورة طمأنة الخليج، وخاصة السعودية، إلى أن «الإخوان لن يكونوا في صدارة المشهد السياسي مرة أخرى، بل إن شخصيات مثل أيمن نور سيكون لها اليد الطولى».
ورغم أن الإخوان لم يعلنوا صراحة دعم نور، فإن الرجل يسعى إلى ذلك، بل إن اسماً مثل سامي عنان (رئيس أركان الجيش في عهد مرسي الذي أقيل عقب هجوم رفح الأول في سيناء) يُطرح اسمه «بقوة ضمن بعض الأوساط» لخوض الانتخابات. ووفق مصدر داخل «الإخوان» في إسطنبول، فإن القيادة التاريخية الممثلة في إبراهيم منير ومحمود منير، وقبلهم محمود عزت، داخل مصر، قالوا إنهم لا يرون غضاضة في دعم عنان ما دام في ذلك رحيل للسيسي عن المشهد بالكامل.

المصدر: محمود علي - الأخبار