بات توجّه «الحشد الشعبي» نحو مدينة القائم الحدودية (480 كلم شمال غربي بغداد) غربي محافظة الأنبار، محسوماً حتى الآن بالنسبة إلى قيادته.
القوات التي ستنطلق من بلدة أم جريص (45 كلم شمال غربي مدينة البعاج)، ستتجه جنوباً حتى تصل إلى مدينة القائم، لتقطع بذلك مسافةً تقارب 300 كلم، في خطوةٍ يبدو أنّها لليوم لن تُواجه بـ«فيتو» إقليمي أو دولي.
أمّا الوصول إلى الهدف النهائي من محور حديثه من طريق عنه ــ راوه ــ القائم، فسيكون من مسؤولية الجيش والقوى الأمنية العراقية.
ولفت الأمين العام لـ«منظمة بدر» هادي العامري أمس، إلى أنّ المرحلة الثالثة من العملية المستمرة تقضي بـ«تطهير الحدود بصورة كاملة من تقاطع أم جريص، وصولاً إلى القائم جنوباً»، في وقتٍ تواصل فيه القوات «عمليات العزل والتطويق والالتفاف لتحرير قضاء البعاج والقرى المحيطة به».
وصول «الحشد» إلى الحدود «لم يكن من مقرّرات المرحلة الجارية من عمليات محمد رسول الله 2»، وفق مصدر مطّلع، الذي أكّد في حديثه إلى «الأخبار»، أن «المرحلة الحالية تقتضي استعادة بلدة القحطانية ومدينة البعاج (المعقل الرئيسي لداعش في القاطع الجنوبي الغربي لمحافظة نينوى)، من ثم التوجّه إلى الحدود بعد تثبيت المواقع وتطهير المناطق والقرى».
إلا أن قصّة التوجّه «المفاجئ»، يرويها النائب الموصلي عبد الرحمن اللويزي بالقول إنه «في خلال الزيارة الأخيرة للقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، لبلدة تل عبطة (مقر «القيادة والسيطرة» الخاص بقوات «الحشد») عُرضَت الخيارات المتاحة أمام القوات المتقدّمة»، مشيراً إلى أن «العبادي طلب من القوات التوجّه إلى الحدود، والبدء في مسكها، لما للأمر من أهمية كبرى في سياق المعركة القادمة».
ويسري حديث موازٍ عن نية «الحشد» للدخول إلى داخل الأراضي السورية، مع وصول قواته إلى الخط الحدودي، إلا أن مصادر قيادية في «الحشد» أكّدت لـ«الأخبار» أن «قواتنا لن تدخل إلى الأراضي السورية، وستلتزم الخط الحدودي كمواقع تثبيت لها»، مشيرةً إلى أن «الدخول إلى تلك الأراضي ينحصر فقط بطبيعة القوات المتواجدة في المقلب الآخر، إن كان عدواً أو محايداً». وأوضحت أن «العدو هو فقط داعش، أما إذا كان مدعوماً من الأميركي فنحن نعتبره قوّة محايدة»، مبيّناً أنه «في حال الاحتكاك أو الاشتباك فإن قواتنا ستتعامل مع الحادثة وفقاً لما تراه مناسباً».
وإذا فرضت المعطيات الميدانية ضرورة دخول «الحشد» إلى سوريا، فإن «عبور القوات العراقية للحدود يحتاج إلى موافقة مجلس النواب»، وفق المتحدث الرسمي باسم «الحشد» أحمد الأسدي، الذي شدّد على أن «الحديث عن هذا الأمر في ظل انشغال العراق بمحاربة داعش، وتحرير المحافظات هو بعيد عن الواقع».
ووفق مصادر «الحشد»، فإن الأولوية بعد الوصول إلى النقاط الحدودية والتثبيت هناك، هي العودة واستعادة ما بقي من الحويجة وغربي الأنبار. وفي ما يتعلّق بمدينة تلعفر ومحيطها، فإن عملية استعادتها رهن بالظروف الإقليمية، التي قد «تشهد صفقة برعاية إقليمية، وإشراف دولي، لإخراج المسلحين منها» وفق النائب عبد الرحمن اللويزي.
وفور وصولها إلى الخط الحدودي، بدأت قوات «الحشد» بحفر الخنادق وبناء السواتر، في خطوةٍ تهدف إلى عزل مسلحي التنظيم في العراق عن أولئك المنتشرين من الجهة السورية».
ووفق معلومات «الأخبار»، فإن الوصول إلى أم جريص ليس هدفاً بعينه، أي الوصول إلى الحدود، وتحقيق نصرٍ معنوي على المسلحين، بل إن الهدف هو تحقيق التفاف واسع للسيطرة على قضاء البعاج، وحصاره ومن ثم استعادته.
ويعلّل أحد قادة «الحشد» سبب الالتفاف بأن «الهدف الأساس لعملياتنا بسط السيطرة، غير أن الجانب الإنساني يلعب دوراً مركزياً في رسم التكتيكات الهجومية المتبعة». وينقل «القائد» تجربته في قتال «داعش»، قائلاً: «دائماً حينما نحاصر داعش، فإن مسلحيه ينسحبون إلى مناطق أخرى، محتمين بالعوائل والمدنيين خوفاً من أن يلاحقهم طيران الجيش».
وتنسحب تجربة «القائد» مع «داعش» على مدينة القيروان التي استعادها «الحشد» في الأيام القليلة الماضية، إذ تؤكّد معلومات «الأخبار» أن مسلحي التنظيم قد ساقوا المئات من أهالي المدينة، وأجبروهم على الإقامة في مدينة البعاج، حيث بدأوا باتخاذهم دروعاً بشرية، في خطوة استباقية مع اقتراب القوات من دخول المدينة.