عندما تحذّر إسرائيل، وتُعرب عن خشيتها من إمكان تصعيد أمني مع قطاع غزة، وتحديداً على خلفية معركة تطويع قطر ومنع تمايزها، فهذا يعني أنّ الميدان الفلسطيني في مرحلة الإعداد لما بعد تطويع قطر، والانتهاء من ترتيب أوضاع البيت الداخلي لمحور الاعتدال، بما يشمل قطع علاقات الإمارة الخليجية «المارقة»، لحركة حماس.

المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حذّرت أمس، عبر مصادر عسكرية رفيعة ومن خلال صحيفة «يديعوت أحرونوت»، من إمكان التصعيد الأمني مع حركة حماس في قطاع غزة، على خلفية ثلاثة عوامل متداخلة، على رأسها الأزمة القطرية، وقطع الدوحة مساعدتها ودعمها للحركة، في حال نجاح الضغط المفعَّل ضدها.
تحذير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أمس، من إمكان التصعيد، سبقته تحذيرات مشابهة مع بدء الضغط الخليجي ــ الأميركي على قطر، رغم أن التحذير الأخير، كان أكثر وضوحاً ومباشرة، ما يشير إلى وجهة المرحلة التي تلي الضغط على الدوحة، لاستكمالها لاحقاً، في حال نجاحها، بالضغط الميداني الإسرائيلي المباشر، على حماس في القطاع.
تشير الصحيفة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي، وللمفارقة، يعزّز من استعداده العسكري في الأشهر الأخيرة بنحو كبير جداً، تجاه الحلبة الشمالية بما يشمل سوريا ولبنان، لمواجهة التهديدات الكامنة في الجبهتين. لكن في الواقع، ورغم أنّ الجهد مركّز شمالاً، إلا أنه على المدى القريب، تتوجه الأنظار أيضاً إلى الجنوب، إلى قطاع غزة. و«حسب النقاش الداخلي لدى الجيش والشاباك، الحديث يتعلق بإمكانية التصعيد مع القطاع... وهي مسألة لا تحتاج إلى قراءة تقارير استخبارية لمعرفة اتجاهات الريح، مع الضغط الموجه إلى حركة حماس».
تشير الصحيفة إلى عوامل ثلاثة قد تكون كافية للدفع باتجاه التصعيد: الوضع الإنساني المتفاقم في القطاع، حيث القصور في توفير الماء والكهرباء؛ الضغط المفعل من قبل السلطة الفلسطينية على حركة حماس في القطاع؛ وقبل كل ذلك، الضغط والمقاطعة السياسية على قطر، الذي قد يؤثر سلباً بالدعم الاقتصادي القطري لحماس، ما يزيد من تفاقم الأوضاع في غزة.
نتيجة لذلك، تؤكد الصحيفة نقلاً عن المصادر الاستخبارية، أنه «قد تعمد حماس إلى العمل بشكل عدائي لتحسين وضعها الاقتصادي ومكانتها في العالم العربي... ويمكن نتيجة لذلك، الافتراض بأنها ستدفع باتجاه مواجهة مع إسرائيل، تساعدها في تحقيق هذا الهدف».
مصدر أمني إسرائيلي أشار إلى أن حماس تحاول بشكل حثيث، تنفيذ «عمليات إرهابية» في الضفة الغربية، وتزيد من وتيرة ومستوى التظاهر ضد إسرائيل مقابل السياج الحدودي مع القطاع، كذلك في الأسابيع القريبة المقبلة ستبدأ إسرائيل إنشاء عائق جوفي لمنع الأنفاق، الأمر الذي يدفع الحركة إلى محاولة التشويش على الجهود الإسرائيلية على طول الحدود.
على هذه الخلفية أيضاً، يلفت المصدر إلى أنّ «محفزات التصعيد عالية جداً، ويمكن الافتراض أن حماس ستسمح، في أول فرصة تسنح لها، لتنظيمات متمردة بإطلاق الصواريخ من غزة، للتشويش على أعمال الجيش الإسرائيلي حول العائق الجوفي المزمع إنشاؤه على طول الحدود». ويضيف: «إلا أنّ إسرائيل لن تسمح بذلك، حتى ولو كان الثمن التصعيد». يعني ذلك، أنّ اتهام إسرائيل لحماس بالتصعيد وما يمكن أن يعقبه، بات جاهزاً وقائماً، مع إشارة المصدر أيضاً، إلى أن المسؤول عن ذلك و«من سيدير الأزمة الجديدة في مواجهة إسرائيل، هو يحيى سنوار، الزعيم الجديد لحماس (في قطاع غزة) والمعروف بنهجه المتشدد».
هي إذاً إشارات إسرائيلية إلى مرحلة ما بعد، وفي حال نجاح الضغوط على قطر، ودفعها إلى قطع علاقاتها بحركة حماس، فهل هذا يعني أن حصار قيادة حماس وإضعافها في الخارج، سيتبعهما ضغط ميداني لاحق، من قبل إسرائيل، على حماس الداخل، وبالاتجاه نفسه؟ كل الإشارات تشير إلى ذلك، في انتظار المواجهة الخليجية المستعرة حالياً، وربما أيضاً في سياقها وموازاتها.

المصدر: يحيى دبوق - الأخبار