تباينت الآراء في صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية بين الإشادة والانتقاد، حيال قانون الانتخاب الجديد في لبنان.

وفيما رأت بعض الصحف أن القانون يعتبر "خرقاً مهماً" فإن البعض الآخر من كتاب الصحف وصفوه بأنه ذو "مضمون طائفي".

وكانت مختلف القوى السياسية في لبنان قد اتفقت علي اعتماد النسبية في قانون الانتخاب الجديد، لأول مرة في تاريخ لبنان، وعلى التمديد 11 شهراً للبرلمان، الذي سبق أن مددت ولايته مرتين منذ انتخابه عام 2009.

"خرق مهم"

يعتبر جورج بكاسيني في المستقبل قانون الانتخاب "إنجازاً وطنيا بعد مسار طويل من التباينات أصبحت في ذمة التاريخ".

يقول: "إذا كانت الانقسامات تخلف الخيبات (...) فإن التسويات تصنع المعجزات".

ويشير الكاتب إلي أن "الملفات المرشحة للإنجاز اقتصاديا وإنمائيا، في المديين القريب والبعيد، تبدو أكثر سهولة، رغم حساسية كل ملف علي حدى، ما يعني احتمال أن تكون البلاد على عتبة مرحلة ازدهار، توقفت منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري".

كذلك ترى باسمة عطوي في المستقبل أن إقرار القانون وفقا لنظام النسبية "نقل البلاد والعباد من ضفة إلى أخرى، لأنه وضع مضامين جديدة للحياة السياسية في لبنان، ستظهر ملامحها بدءًا من الانتخابات المقبلة".

من جانبها، ترى رلى موفق في صحيفة اللواء اللبنانية أن قانون الانتخاب علي أساس النسبية يشكل "خرقاً مهماً في الحياة السياسية".

تقول: "النسبية تُعد خطوة إصلاحية، ذلك أنها ستؤول إلى خلق حيوية لدى شرائح واسعة من المجتمع كانت القوانين السابقة تقطع الطريق أمام أي فرصة لتمثيلها في نظام الأكثرية، الذي وفَّر إمساك القوى الحاكمة باللعبة الانتخابية".

يعتبر إبراهيم ناصر الدين في الديار اللبنانية، أن ما يتم إقراره هو قانون "أفضل ما هو ممكن، أنه هجين يحمل الكثير من السلبيات والايجابيات، وتكمن أهميته في أنه أخرج البلاد من مأزق الفراغ والفوضى السياسية على أبواب تطورات دراماتيكية مفتوحة على كل الاحتمالات في المنطقة".

يرى عامر مشموشي في اللواء أنه "إذا نجحت هذه التجربة الجديدة تكون الطريق قد فتحت كل أبوابها أمام العبور الدستوري الهادئ من الدولة الطائفية إلى الدولة المدنية وبذلك ينتهي عصر حكم زعماء الطوائف".

يقول ناصر جديد في البناء إن أهمية القانون الجديد تكمن في أنه "لن يكون بمستطاع المجلس الناتج عنه إلا السير إلي الأمام في تحريره من التشوهات وإكمال الإنجاز بالذهاب إلي صيغة المجلسين".

يقول: "الخطاب القائم علي انتصارات طائفية هو في النهاية إعلان هزائم افتراضية لطوائف أخرى. وهذا هو قانون الصراع الطائفي، بينما في الخطاب الوطني ينتصر الوطن بطوائفه كلها علي أعدائه".

"مضمون طائفي"

علي الجانب الأخر، وجه العديد من الكتاب انتقادات للقانون، خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الطائفي في لبنان.

يرى وفيق إبراهيم في البناء أن مشروع القانون الجديد للانتخاب "يتضمن التزاماً كبيراً بمعايير النظام الطائفي التقليدي والذي يسيطر علي العلاقات السياسية بين الجماعات اللبنانية من عام 1948، لكن شكله الخارجي يتضمن التزاماً بمفهوم النسبية السطحية للانتخاب، بمعني أن المضمون طائفي والشكل جميل ينتمي إلى الحداثة".

ويعتبر طوني عيسي في الجمهورية أن الأسلوب الذي تم به انتاج قانون الانتخاب "استفزازياً" حيث "أثبتَت الطبقة السياسية صوابية المخاوف، فـطبَخت 'قانون التواطؤ' لا 'قانون التوافق'".

ويتساءل: "ما المانع أن يكون مصير "القانون المسلوق" الجديد كمصير سَلفِه، إذا طرأت اعتراضات جدّية من قوى فاعلة، بعد طرحِ كثيرٍ من الملفات المتداخلة على الطاولة؟"

تقول صفية أنطون سعادة في الأخبار: "القانون هو الذي يغير تركيبة المجتمع لا العكس، والقانون الذي يلغي الطائفية السياسية هو الذي يقود الى تغيير الثقافة والمجتمع لأنه سيفتح المجال لإنشاء أحزاب عابرة للطوائف تستطيع أن تتمثل في المجلس النيابي، ولأنه سيمنح حقوقاً للمواطن بمعزل عن انتمائه الطائفي".

يضيف: "أما أن نقول إننا نريد قانون انتخاب طائفي ريثما نصل إلى قوانين لاطائفية، أو أننا نريد تقسيم البلد إلى دوائر انتخابية طائفية إلى حين بلوغ المواطنة، فهذا هذيان لامنطقي ولا يستطيع أي عاقل أن يتبناه. فمن ينطلق من المبدأ الميثاق الطائفي يصل بالضرورة إلى بنيان طائفي لا إلى دولة المواطنة".

في السياق ذاته، يقول رفيق خوري في الأنوار: "وحدهم الأبرياء يتصورون أن حلم النسبية صار كابوسا. فلا النسبية بمفهومها الأصلي هي حلم في نظام طائفي ومذهبي. ولا النسبية المشوهة على الطريقة اللبنانية هي كابوس مختلف عن كوابيس الانتخابات حسب النظام الأكثري".

كما يشير وليد شقير في الحياة اللندنية إلي أن "إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي اعتمدت النظام الانتخابي النسبي. وهو أدى إلى شرذمة الكتل النيابية التقليدية بحيث تمكن المتطرفون على أساس ديني، من أن يحصلوا على كتل صغرى لها الصوت المرجح".

ويضيف متسائلا: "فهل تستعصي التوازنات اللبنانية على هذا الخطر أيضاً، أم ينفذ إليها التشرذم والفوضى اللذان تشهدهما المنطقة".

من جانبه، يرى حسام عيتاني في الحياة اللندنية أن القانون الجديد تم إفراغه من مضمونه، إذ يقول: "تتنافس القوى السياسية في تسعير الانتماء المذهبي والطائفي وفي رعاية الفساد وفي ترك مواليها «يسوسون» المواطنين بالسلاح والترهيب. على هذه الخلفية جاء القانون الانتخابي الجديد".