الحملات الاميركية التي تستهدف حزب الله تبدو قضائية في الشكل وسياسية في المضمون. ليس في الامر جديد. الجديد هو التركيز الاميركي على قطع مصادر الدعم المالي للحزب، خصوصاً بعد الفشل في مواجهته عسكرياً وسياسياً واعلامياً.

الكونغرس الاميركي حدّد العقوبات على كل من يتعامل مع الحزب أو أي من مناصريه، وهو يتحضر اليوم، كما بدا خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية فيه اخيراً، لزيادة الضغط على المصارف اللبنانية في هذا الاطار.
اللجنة عقدت اجتماعاً في 8 حزيران الجاري تحت عنوان «مهاجمة شبكة حزب الله المالية: خيارات لسياسات الولايات المتحدة»، بحث خلالها مسؤولون و«خبراء» أميركيون في كيفية مواجهة حزب الله في المرحلة المقبلة، وقدّموا رؤيتهم للوضع الحالي للحزب واقتراحاتهم في شأن العقوبات المالية التي يفترض أن تعتمدها الإدارة الجديدة في واشنطن.
وتضم اللجنة حالياً 25 سيناتوراً من الحزب الجمهوري إضافة الى رئيسها، مقابل 20 سيناتوراً من الحزب الديمقراطي إضافة الى نائب الرئيس. وقد اطلعت «الاخبار» على الاوراق والمداخلات التي تخللت الاجتماع، وتبيّن الآتي:
أولاً، هناك تيار يضم سياسيين ورجال استخبارات ومشرعين أميركيين يراهنون على ان وصول الجمهوري دونالد ترامب الى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة يتيح فرصة لمواجهة أكثر شراسة واندفاعاً ضد حزب الله في لبنان وفي العالم وفي دول اميركا اللاتينية وافريقيا بشكل خاص.
ثانياً، يعتقد الاميركيون بأن التشدد في فرض العقوبات المالية على الحزب وأصدقائه وداعميه وكل من له صلة به اتى بثماره، وبالتالي يتوقع ان تُكثف العقوبات والضغوطات. ويستدعي ذلك مزيداً من الضغط على المصارف اللبنانية.
ثالثاً، ان صانعي السياسات في مجال مواجهة الإرهاب في واشنطن يعتقدون بأن حزب الله يمر بأزمة مالية غير مسبوقة بسبب العقوبات من جهة والتكاليف الباهظة للحرب في سوريا من جهة اخرى، وان الحزب بدأ يفقد شعبيته، ليس فقط عربياً واقليمياً بل لبنانياً أيضاً، وبالتالي لا بد من دعم أميركي لتنامي جهات معارضة للحزب خصوصاً اذا كانت تنتمي الى شيعية.

افتتح الاجتماع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس السيناتور الجمهوري ايد رويس بالإشارة الى أن «حزب الله هو رأس حربة المواجهة الايرانية ضد إسرائيل». وتابع: «كنت في حيفا عام 2006 عندما أمطر حزب الله إسرائيل بـ 10 آلاف صاروخ. بعد مرور 11 سنة على ذلك، يمتلك الحزب ترسانة تضم نحو 110 آلاف صاروخ تتميز بتكنولوجيا أكثر تطوراً». وانتقد رويس الاتفاق النووي الاميركي ــــ الايراني الذي كان يحظى بدعم الحزب الديمقراطي، معتبراً أن حزب الله هو احد المستفيدين الرئيسيين منه. لكنه عاد وناقض قوله في نهاية حديثه من خلال زعمه أن العقوبات المالية الاميركية المفروضة على الحزب منذ عام 2015 أدت الى «أسوأ أزمة مالية شهدها حزب الله منذ عشرات السنين». وأنهى مداخلته بأن العقوبات المالية «لن تؤدي وحدها الى حماية إسرائيل من صواريخ حزب الله، كما لن تحمي السوريين من عملية التطهير العرقي التي يشارك فيها الحزب في سوريا». وكان لافتاً في افتتاحية رويس وفي محاضر الاجتماع، خلال تناول الحرب في سوريا والعراق، عدم ورود أي ذكر ــــ ولو هامشياً أو عرضياً ــــ لتنظيمي «داعش» او «النصرة» أو أي من التنظيمات التي صنفها مجلس الامن الدولي إرهابية.
تبع الافتتاح نقاش بين الحضور تخللته أربع مداخلات قدم أصحابها تقارير مفصلة ضُمّت الى المحضر الرسمي. المداخلات الأربع والتقارير التي استندت اليها، والتي سنعرض أبرز ما ورد فيها، قدّمها كل من مارا كارلين، أستاذة الدراسات الاستراتيجية في جامعة جونز هوبكنز، دايفيد آشر ممثلاً مجلس إدارة «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية»، ديريك مالتز وهو الضابط المسؤول في وكالة مكافحة المخدرات (دي أي آي)، وماثيو ليفيت من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وأحد المسؤولين السابقين في الخزانة الاميركية.

المصدر: عمر نشابة - الأخبار