اعتاد المسؤولون الإسرائيليون الكشف عن قناعاتهم الحقيقية بعد خروجهم من مناصبهم الرسمية. النائب السابق لوزير الأمن، العميد احتياط افراييم سنيه، كشف أمس عن أثر توازن الردع بين المقاومة والعدو على صانع القرار الإسرئيلي، إذ رأى أن منع الحرب المقبلة مع لبنان أهمّ من الانتصار فيها. كلام سنيه الذي يعبّر عن عجز العدو عن تحقيق انتصار ذي جدوى، أتى في مؤتمر هرتسيليا، الذي يعد من أهم المؤتمرات الأمنية والاستراتيجية في كيان العدو
أتى مؤتمر هرتسليا بجديد هذا العام، وهو عزوف المسؤولين الإسرائيليين عن معزوفة إعادة لبنان سنوات وعقوداً وقروناً إلى الوراء، في الحرب المقبلة، حال اندلاعها. فهذا العام اكتفوا، كما فعل قائد سلاح الجو أمير إيشيل، أمس، بالتحذير من استهداف منازل مدنية بحجة وجود منصات صاروخية فيها.
وفي موازاة تشديد إيشيل على جهوزية سلاحه للعمل «بكل قوتنا من اليوم الأول» في الحرب المقبلة «لتحقيق الإنجازات»، وفيما ركّزت وسائل الإعلام الاسرائيلية والعربية ووكالات الأنباء العالمية على تهديد قائد سلاح الجو الإسرائيلي، فإنها تجاهلت كلام نائب وزير الأمن السابق أفرايم سنيه، الذي كان له رأي آخر، حذر فيه من «حالة النقص الدفاعي» لإسرائيل في مواجهة الترسانة الصاروخية للمقاومة، الأمر الذي قد يستدعي خيار العملية البرية المكلفة والمشكوك في جدواها.
ورأى سنيه في كلمة له أمام المؤتمر البحثي السنوي أمس أن إسرائيل لا تملك إجابة لمواجهة التهديد الإيراني الفوري المتمثل، بحسب رأيه، بـ150 ألف صاروخ منتشرة في لبنان. وقال إن «إسرائيل موجودة في حالة نقص دفاعي، ونحن لا نستطيع منع كل صاروخ يطلق نحونا، وحتى لو أصبحنا ناجحين جداً، فإن جزءاً من هذه الصواريخ سيصيب أهدافه». وأشار العميد في الإحتياط إلى أنه بسبب دقة هذه الصواريخ «ستكون إسرائيل أكثر عرضة للضرر في مختلف أنواع بنيتها التحتية»، ولذلك «يحتمل أن لا يكون لدينا خيار، وسنحتاج إلى عملية برية، وقد ندفع الثمن من دون أن نقطف الثمار». وخلص سنيه إلى القول إن «منع الحرب القادمة مع لبنان أفضل من الانتصار فيها»، لأنها ستتسبب بدمار في البنى التحتية على جانبي الحدود.
من جهته، قال إيشيل، في المناسبة نفسها، إنه في حال اندلاع حرب في الشمال، «يجب أن نعمل بكل قوتنا من اليوم الأول للحرب لتحقيق الإنجازات». وأكد ضرورة الحفاظ على «حرية العمل لدى إسرائيل، لا سيما حرية العمل العسكري، لأننا في الحرب قد نضرب أشخاصاً لا علاقة لهم بها، مثلما قد يحصل في لبنان». وأوضح الجنرال الإسرائيلي ما يعنيه قائلاً: «في لبنان يوجد في بعض القرى منازل يزورها أصحابها من وقت لآخر، وهذه المنازل هي منصات لإطلاق الصواريخ. أقدّم لهم نصيحة جيدة لا أكثر. هم يعرفون أن المباني المغلقة تشكل منصة إطلاق صواريخ. إذا غادروها فلن يتضرروا».
وشدد إيشيل على جاهزية الجيش الإسرائيل للحرب في الجبهة الشمالية وفي كل الجبهات، لافتاً إلى أنه «في الحرب المقبلة في الشمال، نحن كسلاح جو علينا أن نعمل تحت النيران وعلينا ضمان تحقيق تفوق جوي، لا سيما في الساحة اللبنانية. العدو يتجهّز هناك على كل المستويات، وحزب الله قد عزّز قوته، لكني أقول إن تلك الاستعدادات لن توقف سلاح الجو، قد تعيقه، لكنها لن توقفه».
من جهة أخرى، رأى إيشيل أنه «نتيجة ما يحصل، خصوصاً في سوريا، لكن ليس فقط فيها، هناك الكثير من الجهات التي لديها مصلحة في لجم إمكانية اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله أو آخرين. هذه الجهات مشغولة بأمورها، وذلك ينعكس ضبطاً لاحتمال الحرب». وتطرق ضمنا إلى الاعتداءات التي تشنّها إسرائيل في الأراضي السورية، فقال: «نحن نتابع عن كثب منع قدرات أعدائنا وننظر إلى التهديدات القائمة والتي في طور التشكل ونعمل ضدها». أضاف: «يؤدي سلاح الجو عملاً مهماً في المجال الدبلوماسي الجوي في الشرق الأوسط. هناك عمليات مكثّفة لنقل وسائل قتالية متطورة جداً إلى أيدي لا نرغب في أن تتسلمها».
وحذر قائد سلاح الجو الإسرائيلي من المس بالتفوق النوعي لإسرائيل من خلال صفقات الأسلحة التي شهدتها المنطقة مؤخراً. ولفت إلى أن «مجموع مبيعات الأسلحة يزيد في السنوات الماضية على 200 مليار دولار، وهذا أمر لا يمكن تجاهله. وفي حال حدوث تحول استراتيجي يؤدي إلى زعزعة استقرار الأنظمة في الشرق الأوسط، فإن هذه الأسلحة المتطورة قد توجه ضد إسرائيل». وأشار إلى وجود «فرصة نادرة والتقاء مصالح استثنائي بين إسرائيل ودول المنطقة في ما خصّ مكافحة الإرهاب، إنه أمر فريد. لسلاح الجو دور مهم في ما يجري، لأنه يستطيع تحقيق مصالح إسرائيل ودعم مصالح شركاء آخرين في المنطقة».