لا يتغيّر نجاح واكيم. هو نفسه كرئيس لحركة الشعب أو عضو فيها. عنوانه «فلسطين». يبدأ به أي حديث، وينهيه به أيضاً. «انتصار محور المقاومة هو المهمّ، والهدف الأول والأخير». أما الباقي؟ وتحديداً في الزواريب اللبنانية، فيُعتبر تفصيلاً. والتفصيل هذه الفترة هو الانتخابات النيابية «المشكوك في إمكانية إجرائها» يقول واكيم. وإن حصلت «فليس وفق هذا القانون الطائفي».
رُبما «يكون هناك أفضل منه أو أسوأ»، لكن «ليس بهذا القانون» الذي لا يعدو كونه «إخراجاً للتمديد». مع ذلك «ستخوض حركة الشعب الانتخابات»، وفق قرار مبدئي هو «المواجهة مع الطبقة السياسية». وللمواجهة أشكال متعدّدة. يُمكن أن تكون «مقاطعة أو ورقة بيضاء أو قطع طرقات أو … تشكيل لوائح في عدد من المناطق». لا أسماء محدّدة حتى الآن، ولا تحالفات واضحة ولا لوائح مكتملة. الثابتتان الوحيدتان هما أن «رئيس الحركة ابراهيم الحلبي سيكون على رأس اللائحة في بيروت»، و«مرشحو حركة بدنا نحاسب هم مرشحونا».
دائماً ما يسخر واكيم من السياسة الداخلية، ويقرأ الأحداث من منظور أوسع. منظور المنطقة ككلّ. ومما لا شكّ فيه أن ما يحصل في سوريا والعراق والدول العربية والخليجية «يحتمل التشكيك» في إجراء الانتخابات في أيار المقبل. بحسب واكيم «لم يتخذ قرار إجرائها في هذا التاريخ عن عبث». المنطقة في حالة صراع، وأي تحولات فيها «سيكون لها انعكاس على الداخل اللبناني». وهذه التحولات متوقفة على حدثين. الأول «إعلان الحلف العربي ــ الإسرائيلي الذي سيعلن عنه الأميركي خلال القمة العربية التي ستعقد في آذار في الرياض». والثاني «التطورات التي ستحصل في سوريا والعراق خلال الأشهر المقبلة، والتي ستحسم انتصار محور وهزيمة آخر، علماً بأنه على الرغم من كل التهديدات فإن محور المقاومة أكثر ارتياحاً». يضاف إليهما «هدف ضرب القضية الفلسطينية، التي لا يمكن القضاء عليها إلا عبر ضرب المقاومة، ما يزيد احتمالات شنّ عدوان إسرائيلي، لا يؤخّره سوى عدم ضمان نجاحه». وعطفاً على ما ذكر، وضع هذا القانون كيفما كان «لتمرير التمديد، ومعرفة ما ستؤول إليه المنطقة طيلة الأشهر المقبلة، والذي من المؤكّد أنه سيخضع لتعديلات كثيرة، يُمكن أن تكون أفضل أو أسوأ».
وماذا في حال إجراء هذه الانتخابات في موعدها، هل هناك حظوظ لخرق الطبقة السياسية؟ واكيم مقتنع بأن «انهيار النظام القائم وفشله سيكون فظيعاً». وبما أن «المرحلة المقبلة مفتوحة على تحولات دراماتيكية، سيكون سقوط هذا النظام من ضمنها». كما ستكون هناك «انتفاضات شعبية نتيجة التدهور الذي سيحصل على الصعيدين المالي والاقتصادي». وربما يقود ذلك إلى «تطيير» الانتخابات. أما في حال إجرائها، فإن الحركة «لا تزال تدرس مع حلفائها من الأحزاب والتيارات الوطنية شكل المواجهة، إما عبر المقاطعة أو التصويت بورقة بيضاء أو الترشّح في عدد من الأماكن، منها جبل لبنان والبقاع والجنوب، بشعارات موحّدة في مواجهة الطبقة السياسية».
يعوّل واكيم على جزء من حركات المجتمع المدني، وخصوصاً أن الحراك الذي نزل إلى الشارع «رغم عدم تحقيقه الهدف، لكنه أثبت نتائج جيدة، أخافت الطبقة السياسية، بسبب فكاك الناس عن عصبياتهم الطائفية والتفافهم خلف شعارات معيشية». كما أن «شعبية التيارات السياسية، من المستقبل إلى التيار الوطني الحر وآخرين، تراجعت بشكل ملحوظ، وبالتالي يُمكن أن يساعد ذلك في خرق المحادل والبلوكات السياسية».
وماذا عن التحالفات؟ «لا شيء واضحاً»، باستثناء أننا «سنكون في حال خوض هذه الانتخابات على لوائح واحدة مع المرشحين من مجموعة بدنا نحاسب»، مكرراً ما قاله الحلبي عن «مشاورات تحصل مع الأحزاب الوطنية لمعرفة المرشحين والتوجهات».
ماذا عن حزب الله ودعمه للوائحكم؟ حتى الآن «لا كلام مع الحزب، لكن لا يعني ذلك أننا لن نتشاور». هل هناك عتب على عدم دعمكم وإشراككم في السلطة؟ يعيد واكيم موقفه الثابت. «أنا مع حزب الله حتى الموت. ولولا وجوده لانطفأت القضية الفلسطينية، وفتكت إسرائيل بالمنطقة ككل». يضيف «عندما أنظر إلى تحالفنا من هذه الزاوية، تصير كل النقاط الأخرى تفاصيل». لا شكّ أن «هناك تقصيراً في حق هذه الأحزاب، لكن العتب ليس بسبب مقعد أو حصّة في البرلمان. نحن نعتب لأن التعاطي السلبي يضعفنا ويضعفهم في صراعنا ضد أعدائنا. ونحن نسعى لكل خطوة تدعم قضيتنا العربية».
أنتم في الحركة تقولون إن القانون طائفي، وقد كانت لكم تجربة ماضية حين قاطعتم انتخابات عام 2000 اعتراضاً على قانون غازي كنعان. كيف تخوضون انتخابات وفق قانون غير دستوري إذاً؟ «المقاطعة هي واحدة من أشكال المواجهة التي يُمكن أن نقررها. لكن المقاطعة ليست خياراً وحيداً، لأننا نعتبر أن الهدف ليس التغيير عبر مجلس النواب فقط، لكن وجودنا داخل البرلمان يُمكن أن يكون عاملاً مساعداً».
البلد بحاجة الى من لا يهادن، وإلى من يرفع الصوت في وجه الخطابات التقسيمية الطائفية كما رفعها في وجه الحريرية السياسية دون مواربة. فهل سيترشّح نجاح واكيم؟ الجواب «لا» يقول ابن البربارة. برأيه «هناك جيل أكثر همّة وقدرة على التطور، لا يمُكن قمعه ووضعه جانباً، لأن ذلك لن يساعد في تقدّم البلد».
الحلبي: التأجيل سياسي لا تقني
يؤكد رئيس حركة الشعب ابراهيم الحلبي أن الحديث عن الترشح وخوض الانتخابات «لا يزال سابقاً لأوانه». من وجهة نظر «الحركة»، لم يكُن التأجيل تقنياً، بل كان سياسياً «حيث تنتظر كل القوى السياسية المشهد السياسي والميداني في المنطقة». وفي حال حصول اشتباك كبير، فإن «السيناريو الأقرب إلى التحقق هو إما التأجيل مرة أخرى أو تعديل القانون الذي اتفق عليه». مع ذلك، يرى الحلبي أن هناك «حظوظاً للفوز»، وخصوصاً أن «المزاج الشعبي تغيّر، ونتيجة الانتخابات البلدية والحراك المدني عكسا انزعاجاً واضحاً من الطبقة السياسية، وهذا مؤشر جيد». وأشار إلى اجتماعات تعقدها عشرة أحزاب وطنية لخلق أرضية سياسية، ودرس خيارات المواجهة في الانتخابات».