يفض البرلمان المصري اليوم دور الانعقاد التشريعي الحالي، على أن يعود للانعقاد في بداية تشرين الأول/ أكتوبر. وبنظرة سريعة إلى هذه الدورة، فهي لم تشهد تمرير جميع القوانين اللازمة لبناء مؤسسات الدولة، بعد تجاهل رئيس البرلمان مناقشة قانون الإدارة المحلية ومناقشات مواضيع أقل أهمية على مدار أكثر من تسعة أشهر، هي عمر دورة الانعقاد الحالي.

وفي اللحظات الأخيرة، مرر البرلمان قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، وهي الهيئة التي ستباشر بموجب الدستور التحضير لانتخابات أيار/ مايو 2018 للرئاسة. لكن البرلمان لم يمرر قانون الإدارة المحلية، وخصوصاً أن مصر لم تشهد انتخابات بلدية منذ عام 2010، وهو القانون المجمد في أروقة البرلمان من دون سبب واضح.
السبب المعلن من البرلمان لعرقلة القانون، هو عدم الانتهاء من قانون هيئة الانتخابات التي يجب أن تُجري الانتخابات المحلية. لكن الهيئة التي سيتم تشكيلها خلال الأسابيع المقبلة، ستشرع في التحضير للانتخابات الرئاسية قبل بداية آذار المقبل التزاماً بالدستور.
ويثير قانون الإدارة المحلية جدلاً كبيراً في أروقة البرلمان، وخصوصاً أن الدستور لم يحدد طريقة اختيار المحافظين التي تعد حتى الآن حقاً مطلقاً لرئيس الجمهورية في الاختيار أو الإقالة. وتنصّ مواد الدستور الخاصة بالقانون على ترك طريقة تعيين أو انتخاب المحافظين ورؤساء البلديات للقانون الذي سيصدر من مجلس النواب.
وتبدو فرص تمرير القانون وإجراء الانتخابات قبل انشغال الهيئة الوليدة بالانتخابات الرئاسية شبه مستحيلة، وخصوصاً أن إجراء الانتخابات وحده يحتاج إلى شهرين على الأقل، بالإضافة إلى فترة دعاية وتحضير مماثلة، الأمر الذي سيؤجل إجراءها إلى ما بعد الصيف المقبل على الأقل عقب إجراء الانتخابات الرئاسية في أيار 2018.
وتشي بعض التقارير بخشية الحكومة من الانتخابات البلدية، وتتحدث عن ضرورة عدم إجراء هذه الانتخابات لحين تمرير تعديلات على دستور 2014 تقلص من صلاحيتها الواسعة التي نالتها. وتظل هذه التعديلات مطروحة في بورصة التكهنات باستمرار، وخصوصاً أن الدستور بوضعه الحالي سيمنع الرئيس عبد الفتاح السيسي من الترشح إلى انتخابات الرئاسة في 2022 مع انتهاء فترة ولايته الثانية التي يتوقع أن يفوز بها من دون منافسة قوية.
منح دستور 2014 للمجالس المحلية التي تنتخب بالاقتراع السري المباشر، صلاحيات واسعة؛ أبرزها ممارسة أدوات الرقابة على السلطة التنفيذية عن طريق اقتراحات وتوجيه أسئلة وطلبات إحاطة والحق في سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية، مع عدم أحقية السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة بالتدخل في سلطات المجلس مع عدم جواز حل المجالس المحلية بإجراء إداري شامل.
المؤكد أن الحكومة لا ترغب في مجالس بلدية تدخلها في أزمات وسجالات، في وقتٍ لن يصعب فيه السيطرة بشكل كامل على الانتخابات التي ستجرى تحت إشراف قضائي. مع الإشارة إلى أن الرئيس لم يعطِ لهذه المجالس أي اهتمام منذ وصوله إلى السلطة، علماً بأن صلاحيات هذه المجالس، وفقاً للدستور الجديد، هي الأوسع لها على الإطلاق في تاريخ مصر بعدما كانت مجرد «ديكور» في العصور السابقة.

المصدر: الأخبار