في ما قد يعكس المواقف الأميركية الإيجابية تجاه رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، كانت لافتة أمس، الإشادة المتميزة لصحيفة «وول ستريت جورنال» بـ«إنجازات» الأخير، وخاصة أنّه «لم يكن متوقعاً» لدى تسلّمه السلطة في نهاية عام 2014، بأنه سوف يكون «القائد العراقي الذي سيهزم تنظيم داعش ويعلن انتهاء الخلافة».

وقالت الصحيفة في تقرير نشرته على صفحتها الأولى، إن مهندس الكهرباء السابق «ليس مفضلاً عند أي فئة من الشعب، ولكن يتقبله الجميع»، معتبرة أن الرجل البالغ من العمر 65 عاماً تمكّن من «تحويل المشاعر الفاترة تجاهه إلى قوّة خاصة». ووفق «وول ستريت»، فإن العبادي، وبعد ما يقارب الثلاثة أعوام من تسلمه منصب رئيس الوزراء، نجح في «تضييق الفجوات بين السياسيين العراقيين المتحاربين من الشيعة والسنة، وخلق توازن بين مصالح إيران والولايات المتحدة المتنافستين على المستوى الجيوسياسي، وقيادة عمليات الإصلاح في المؤسسة الأمنية واتخاذ الإجراءات بحق القوات العراقية التي فرّت من تنظيم داعش بدل مواجهته». ونقل التقرير عن مدير «برنامج الشرق الأوسط» في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» في واشنطن جون ألترمان، قوله إن «العبادي جمع بشكل رائع بين القيادة والتوازن. لو كان قد بالغ في لعب دور القيادة، لشعر عدد كبير من العراقيين بالتهميش والإهمال... في المقابل، لو كان قد بالغ في التوازن، لم يكن ليحقق أي تقدّم أو إنجاز».
وبالرغم من المديح الذي أغدقته الصحيفة على العبادي، فإنها قالت إنّ الحكومة العراقية تواجه «تحديات كبيرة»؛ أبرزها «التوترات الطائفية والصعوبات المعيشية... وذلك بعد أعوام طويلة من النزاعات التي دمرت اقتصاد البلاد وبنيته التحتية»، مشيرة إلى أن «تحسين الأوضاع المعيشية شرط أساسي لضمان مستقبل ثابت ومتماسك». وهذا ما شدّد عليه «مسؤول أميركي» في حديث إلى الصحيفة، بقوله «إن حيدر العبادي في أوج نجاحه، ولكن عليه العمل على تحسين حياة المواطنين... وإلّا كل النيات الحسنة التي زرعها والدعم الذي حصده سيتضاءل».
من جهة أخرى، أثنت «وول ستريت جورنال» على الطريقة التي تعامل بها العبادي مع الحملات التي سيقت ضده عقب «تدخل إيران في العراق... عبر تسليح الحشد الشعبي وتدريبه»، معتبرة أنه ردّ على من اتهمه بتحويل البلاد إلى «بيدق إيراني» بالتشديد على أهمية الحفاظ على «عراق موحّد والابتعاد عن الطائفية». وأضافت الصحيفة أن العبادي اتخذ خطوات مهمة في هذا السياق، أبرزها «طرد جنرالات من عهد (رئيس الوزراء السابق نوري المالكي) والطلب من كبار الضباط تجنب الطائفية... والعمل بشكل وثيق مع العناصر السنية والكردية في حكومته... والتشديد على أهمية التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، التي بدورها عمدت الى زيادة مساعداتها، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة والدعم الجوي». وأضاف التقرير أن رئيس الوزراء العراقي سعى إلى خلق «علاقات متوازنة وجيدة مع الدول العربية السنية في المنطقة... وفي الوقت نفسه، حافظ على علاقاته مع إيران»، مذكرة بإعادة افتتاح السفارة السعودية في بغداد عام 2015.
ورأت «وول ستريت جورنال» أن العبادي، بالرغم من إصراره على «التواصل مع الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية»، «لم يتجاهل الأغلبية الشيعية». وفي السياق، استخدمت الصحيفة الأميركية تأييد المرجعية الدينية للعبادي في عام 2015، كمثال.
وتوقعت الصحيفة الأميركية تصاعد الدور الإيراني في العراق في ظل «تدهور العلاقات بين واشنطن وطهران»، محذرة من دعم الأخيرة لمنافسي العبادي على منصب رئيس الوزراء في الانتخابات المرتقبة في نيسان المقبل، وخاصةً أن «نوري المالكي حافظ على حضور جيّد في المجال السياسي». واختتمت «وول ستريت جورنال» تقريرها بالتساؤل عن مستقبل البلاد بعد إعلان «انتهاء الخلافة»، معتبرة أن «العبادي سيواجه الاختبار الأصعب عندما لا يعود هناك عدو مشترك بين العراق وحلفائه».

المصدر: الأخبار