ما زالت الحملة على الجيش نتيجة وفاة أربعة موقوفين من العملية العسكرية التي نفذها في عرسال، تتفاعل وسط عدم إصدار الجيش لأي توضيح رسمي، سوى ما نقل عن مصادره خلال النشرات الإخبارية يوم أمس. فإثر إعلان مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقها «إزاء خبر وفاة عدد من الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية أثناء عملية التحقيق معهم»، داعية السلطات اللبنانية إلى «إجراء تحقيق قضائي شفاف وسريع»، نشرت قناة «أل بي سي» خبراً نسبته إلى مصادر في الجيش، قائلة إنه «مستعد للرد على استفسار أي جهة دولية تسأل عن موضوع وفاة الموقوفين السوريين».
وأضافت المصادر أن «الموقوفين زارهم الصليب الأحمر وقدم لهم مساعدات»، لافتة إلى أن «الجيش اتخذ تدابير مسلكية بحق العسكريين الذين ارتكبوا أعمالاً تتعارض مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان». فيما تداولت محطة «أو تي في» معلومات وصلتها تؤكد «وفاة ثلاثة من موقوفي عرسال نتيجة توقف عمل القلب، أما وفاة الرابع فحصلت بسبب جلطة دماغية أدت الى نزف حاد بالأذن اليسرى».
وكان رئيس الجمهورية ميشال عون، قد نوّه بعمل الجيش والقوى الأمنية في توقيف المخالفين والمرتكبين، وحذر من تحول مخيمات النازحين السوريين إلى بيئة حاضنة للإرهابيين، داعياً الجيش والقوى الأمنية والشعب إلى «التعاون من أجل مواجهتهم ومنعهم من ارتكاب جرائمهم». بدوره، تطرق رئيس الحكومة سعد الحريري إلى حادثة وفاة الموقوفين السوريين في المستشفى، مشيراً إلى «علامات استفهام أثيرت حول ذلك لا بد من توضيحها من خلال فتح تحقيق يكشف ملابسات ما حصل ويضع حداً للتساؤلات المطروحة». فيما أكد مجلس الوزراء تقديره «لدور الجيش وما قام به من عملية استباقية في ملاحقة الإرهابيين وعدم تمكينهم من استغلال مخيمات النازحين للقيام بأعمال إرهابية تستهدف أمن اللبنانيين وتهدد أمن النازحين»، مضيفاً أن «كل صوت يشكك في صدقية دور الجيش مرفوض. وستُجرى التحقيقات لتثبت أن الجيش ملتزم التزاماً كاملاً بواجباته القانونية والإنسانية».
الالتفاف حول الجيش لم يقتصر على رئيس الجمهورية والحكومة، بل كان محور اجتماع مجلس المطارنة الموارنة، حيث وجه الآباء تحية إلى الجيش والقوى الأمنية على «ما يقومون به على صعيد مكافحة الإرهاب والجريمة». وثمن البطاركة «عملية الجيش الأخيرة في منطقة عرسال، وما اتخذه من تدابير حاسمة وجريئة لكشف الخلايا الإرهابية»، كذلك حثوا «كل المرجعيات على الالتفاف حول هذا الجيش، وتأمين كل الدعم اللازم له على الصعد المادية والمعنوية والسياسية كافة».
من ناحية ثانية، لم تكن جلسة مجلس الوزراء المنعقدة في قصر بعبدا مثقلة بالمقررات، بل اقتصرت على النقاشات. ففي موضوع التعيينات، دعا عون إلى استكمالها إدارياً وقضائياً وديبلوماسياً، فيما رأى الحريري «ضرورة ملء الشواغر بعد الاتفاق على أحد أمرين: إما المضي باعتماد الآلية المطبقة منذ أعوام، وإما تعليق العمل والطلب إلى الوزراء المعنيين تقديم اقتراحاتهم لدرسها في مجلس الوزراء». وعن الفلتان الأمني وإخلاء سبيل مطلقي النار العشوائي، سُئل وزير الإعلام ملحم رياشي بعد تلاوته لمقررات مجلس الوزراء ما إذا كان قد طُلب من وزير العدل سليم جريصاتي تقديم ملف الأسبوع المقبل إلى المجلس عنهم، فردّ بالقول: «أكد الوزير جريصاتي أنه سيقدم ملفاً عن المسألة خلال 15 يوماً، لأن التحقيقات تأخذ وقتاً».
من جهة أخرى، حاول وزراء القوات اللبنانية خلال الجلسة فتح نقاش بشأن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخير، فثناهم الحريري عن ذلك، متمنياً عدم إقحام المجلس في ما يحصل خارجه، ولا سيما أن الحريري ورئيس حزب القوات سمير جعجع كانا قد ردّا على نصر الله. وذلك حتم تدخلاً من أحد وزراء حزب الله، موضحاً أن كلام السيد نصر الله حُوّر بطريقة خاطئة، فيما كان المقصد من استقدام مقاتلين من الخارج القول إنه في حال قيام العدو الإسرائيلي بشنّ حرب على لبنان، فلا يتوقع أحد ألا يتدخل متطوعون من العراق وغيره لمساندة لبنان.
على صعيد آخر، صحّح مجلس الوزراء نص قراره السابق بشأن إحالة ملف استئجار بواخر لإنتاج الكهرباء على دائرة المناقصات، ليحسم الجدل الذي دار حول طبيعة هذا القرار.
وأعلن وزير الداخلية أن القرار بشأن موعد إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس سيُتّخذ في غضون أسبوع.