القاهرة | للمرة الأولى منذ سنوات، يعلّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تنفيذ أحكام نهائية بالإعدام واجبة النفاذ بعد التصديق عليها من محكمة النقض ــ أعلى جهة قضائية. إذ إن العادة جرت بأن يصدّق الرئيس على أحكام الإعدام وتنفيذها، مع العلم بأن القانون لا يحدد موعداً ملزِماً.
وأمام السيسي أكثر من 20 حكماً نهائياً بالإعدام بقضايا لها أبعاد سياسية ونالت اهتماماً إعلامياً كبيراً، وهي أحكام صدرت خلال الأشهر الماضية ولم يُصدَّق عليها. واقتصرت أحكام الإعدام التي صدّق عليها السيسي على قضايا ذات أبعاد جنائية، علماً بأنه في حال التصديق على الأحكام العشرين المذكورة، فإنها ستكون المرة الأولى التي يُصدَّق فيها على إعدام هذا العدد الكبير في قضايا سياسية خلال عام واحد فقط. وجرى العرف ألّا يستخدم الرئيس صلاحياته الدستورية والقانونية بخفض عقوبة الإعدام إلى السجن إلا بالقضايا المرتبطة بالتخابر، علماً بأن السيسي لم يستخدم هذا الحق حتى الآن في أي قضية منذ وصوله إلى السلطة. ولم يصدّق على أحكام الإعدام في القضايا السياسية إلا في قضية عادل حبارة الذي أُدين بارتكاب مجزرة رفح ضد الجيش في سيناء، وقضية شاب سلفي ألقى طفلاً من أعلى سطح عقار، وصُوِّر بالفيديو خلال «تظاهرة إخوانية»، بالإضافة إلى إعدامات خلية عرب شركس التي جرت وقائع محاكمتها أمام القضاء العسكري.
وفور تصديق الرئيس على حكم الإعدام يُتَّبَع عدد من الإجراءات القانونية، أبرزها إيداع المحكوم عليه بالإعدام في السجن بناءً على أمر تصدره النيابة العامة، ويرتدي السجين البذلة الحمراء إلى أن ينفذ الحكم فيه، على أن يُسمَح للمحكوم عليه بالإعدام بأداء فروض دينه، وتسهيل هذه الإجراءات له، فيلتقيه أحد رجال الدين. كذلك يجوز له مقابلة أقاربه، ولكن في مكان بعيد عن مكان التنفيذ.
وتظلّ أبرز قضايا الإعدام المعلّقة، مجزرة استاد بورسعيد، حيث صدّقت محكمة النقض على إعدام عشرة متهمين في القضية، فيما خفضت الحكم على 11 آخرين، بعدما كانت محكمة أول درجة قد قضت بإعدام 21 شخصاً من المتهمين البالغ عددهم 74 شخصاً. وانضم إلى هؤلاء أخيراً ستة متهمين في قضية مقتل حارس قاضٍ في المنصورة، وهي القضية المتهم فيها ثمانية شباب خفضت المحكمة عقوبة الإعدام على اثنين منهم، ليُصدَر الحكم بحق ستة آخرين، في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل.
وأيدت محكمة النقض، أول من أمس، حكم إعدام ثلاثة متهمين في أحداث مسجد الاستقامة التي وقعت عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، في أول تأييد من النقض لحكم صدر بخصوص الصدامات بين الجيش والإسلاميين. كذلك، إن حكم إعدام الشيخ فضل المولى الذي أيدته محكمة النقض بعد إدانته في أحداث شغب في الإسكندرية عقب عزل مرسي، هو واحد من أبرز الأحكام التي صدرت أخيراً.
ويثير تطبيق حكم الإعدام على متهمي مذبحة بورسعيد حالةً من القلق السياسي مرتبطة بغضب أبناء المحافظة من هذا الحكم، إذ إنهم يرون فيه إجحافاً بحق أبنائهم عبر تحميلهم مسؤولية قتل مشجعي النادي الأهلي، في مقابل تهديد مشجعي النادي بالتظاهر وقطع الطريق في حالة عدم تطبيق أحكام الإعدام على المتهمين، علماً بأن القضاء عندما أصدر حكم الدرجة الأولى، خرجت تظاهرات في بورسعيد أدت إلى حصول مصادمات عنيفة مع الشرطة راح ضحيتها نحو 50 قتيلاً، وهو سيناريو تخشى الحكومة تكراره حال إعدام المتهمين.
أما قضية الشباب الستة، فيقول كثيرون إنها «ملفقة»، خصوصاً أنه لم يُقبَض عليهم خلال قتل حارس القاضي (الذي ينظر دعوى محاكمة الرئيس مرسي)، ووجهت النيابة إلى الشباب اتهامات بـ«القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وحيازة متفجرات وأسلحة وتكوين خلية إرهابية، وارتكاب أعمال عنف ضد قوات الجيش والشرطة».