ساعة الحسم في عرسال اقتربت كثيراً، بحسب معلومات لـ«الأخبار»، بعد انتهاء مهلة «العرض» الذي قدّمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للمسلحين، في أيار الماضي، بضمان أي تسوية لإنهاء ملف الجرود. وفي المعلومات أن الاستعدادات لتطهير ما تبقّى من الجرود من إرهابيي «جبهة النصرة» و«داعش» اكتملت، في انتظار تحديد قيادة المقاومة الساعة الصفر.
وفيما لم يتضح بعد أي دور سيلعبه الجيش اللبناني المنتشر على بعض تخوم عرسال، علمت «الأخبار» أن حزب الله سيعمد، بعد انتهاء المعركة، الى تسليم المناطق المحررة للجيش على غرار ما جرى في مناطق السلسلة الشرقية لتكون في عهدة الدولة اللبنانية، وبما يتيح لمقاتلي الحزب التفرغ لجبهات أخرى.
قرار الحسم جاء بعدما وصلت وساطة «سرايا أهل الشام» (تضم فصائل عدة في منطقة القلمون الغربي) مع «جبهة النصرة» الى طريق مسدود، مع رفض الأخيرة كل الطروحات التي قُدِّمت لإخلاء الجرود، ومن بينها اتفاق إجلاء مشابه لما حصل في مناطق سوريّة عدة مع مسلحين تم تأمين ممرات آمنة لهم إلى إدلب، أو الدخول في مصالحة مع الدولة السورية، أو حتى إلقاء السلاح و«ذوبان» المسلحين بين المدنيين.
وكان نصرالله، في ذكرى اغتيال القائد مصطفى بدر الدين في 11 أيار الماضي، عرض «ضمانة حزب الله لأي تسوية والتفاوض على الأماكن التي يختار المسلحون التوجه اليها بأسلحتهم الفردية». وفي ذكرى التحرير في 25 من الشهر نفسه، خاطب نصرالله مسلحي الجرود، مؤكداً أن «لا أفق لمعركتكم ولا أمل لكم»، مشدداً على أنه «لا يمكن بقاء الوضع القائم لأن في الجرود جماعات مسلحة لديها سيارات مفخخة وانتحاريون، ويمكن أن تهدد هذه المنطقة وقراها وبلداتها في أي لحظة».
مصادر أمنية أكدت لـ «الأخبار» أن المخاطر المتأتية من بقاء الوضع على حاله في الجرود «كبيرة جداً. وهذا ما بيّنه تفجير أربعة انتحاريين انفسهم بعناصر الجيش» أثناء دهم مخيمين للنازحين في عرسال الأسبوع الماضي. ولفتت الى أن «الخطر من الجرود على الداخل اللبناني لا يزال ماثلاً»، مشيرة الى إحباط مخطط لتفجيرات في بعض المناطق اللبنانية في شهر رمضان الماضي.
ويسيطر ارهابيو «النصرة» و«داعش» على مساحة تمتد، على الجانب اللبناني، من جرود عرسال جنوباً إلى جرود القاع شمالاً، وعلى الجانب السوري من أطراف جرود فليطا جنوبا الى جرود قارة والجراجير شمالاً، علماً أن القسم الأكبر من هذه المنطقة يقع داخل المناطق اللبنانية، وتبلغ مساحته نحو 250 كيلومتراً مربعاً. وهذه آخر ما تبقّى من المنطقة التي كان يسيطر عليها هؤلاء، والتي كانت تمتد من الزبداني مروراً بعرسال والقصير وصولاً إلى المناطق الحدودية المتاخمة للشمال اللبناني.
المصادر استبعدت أي انعكاسات للمعركة المتوقعة على الداخل اللبناني «لأن الجميع باتوا مقتنعين بضرورة طي هذا الملف وإنهاء مخاطره الأمنية».
ناهيك عن أن تحرير الجرود المحتلة سيخفف كثيراً من الضغط الاقتصادي والاجتماعي عن أهالي عرسال الذين يحول المسلحون بينهم وبين وصولهم إلى أراضيهم الزراعية وبساتينهم وكسّاراتهم منذ سنوات، وسيشجع على عودة طوعية للنازحين السوريين الى بلدهم، خصوصاً أن أغلبهم من سكّان بلدات القلمون السوري. أما توجيه الاتهام الى حزب الله بإحداث تغيير ديموغرافي فلم يعد «بيّيعاً» بعدما رعى الحزب بنفسه أخيراً عودة أهالي قرية طفيل إلى بلدتهم، وسلّم مواقعه العسكرية للجيش في جرود بلدة بريتال وصولاً إلى جرود بلدات النبي شيت والخريبة وسرعين، وساهم في عودة عائلات سورية الى بلدة عسال الورد على المقلب السوري من الحدود. وعليه، لن تتعدّى التأثيرات الداخلية للعملية بيانات التباكي على «الثوار» وتوجيه الاتهامات المعتادة الى حزب الله، لاستدرار التعاطف الشعبي في سنة انتخابية.