يوماً بعد يوم بات الاقتناع الحمساوي بأنه لا جدوى من محاولة التفاهم مع السلفيين على خطوط حمر يترسخ. ليست محاولة «داعش» ضرب علاقة الحركة بمصر السبب الوحيد وراء الحملة الأمنية الجديدة، فالتحقيقات كشفت نتائج أخرى
غزة | لم تمض أيام كثيرة على الهجوم الدامي الذي أصاب الجيش المصري في سيناء، وذهب ضحيته عشرات القتلى والجرحى، بالقرب من الحدود الفلسطينية، في رسالة حملت توقيع «ولاية سيناء ــ داعش» وضمنت اتجاهات عدة، أوّلها محاولة ضرب العلاقة المتحسّنة بين حركة «حماس» والقاهرة، وثانيها توجيه رسالة تخويف إلى القبائل السيناوية التي يشتبك معها.
ولكي تكون رسالته ذات معنى، ضمّ الهجوم عناصر مسلحين قدموا من قطاع غزة في أوقات متفرقة، وأعلنت أسماء ثلاثة على الأقل ممن قتلوا كانت تعود إلى فلسطينيين من غزة. وبينما رأت القاهرة والحركة أنه يجب منع «داعش» من إنجاح مخططه، طالبت الأولى بمزيد من «الجهد الحمساوي» (راجع العدد ٣٢٢٠ في ١٠ تموز)، وذلك بما يقفز عن بادرات حسن النية، وكذلك التفاهمات الأخيرة (مثل إنشاء منطقة عازلة في الجانب الفلسطيني على الحدود).
وبينما ترفض «حماس» تسليم أيّ مطلوب أمني، من السلفيين الجهاديين أو الأعضاء السابقين فيها للقاهرة، شنّت الحركة حملة اعتقالات واسعة في اليومين الماضيين بحق مسلحين سلفيين، فيما تفيد مصادر أمنية في غزة بأن الحملة لا تزال متواصلة.
تذكر تلك المصادر التي تحدثت إلى «الأخبار»، أن الحملة أدّت إلى اعتقال عدد كبير من المطلوبين غالبيتهم من مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، وعرف منهم (م. ش.) الذي تشير إليه أصابع الاتهام بأنه أسهم في تجهيز المجموعة الأخيرة المرسلة إلى سيناء، كما اعتقل (أ. ح.) من منطقه خربة العدس، شمالي رفح، بعد مطاردته، والأخير له دور في العملية وقضايا أخرى أيضاً.
كذلك، تمكّن جهاز «الأمن الداخلي»، التابع لوزارة الداخلية في القطاع، من القبض على مجموعة تتبع لتشكيل اسمه «لواء التوحيد»، وتبيّن في التحقيقات أن أفراد المجموعة عملوا على مراقبة «مرابض الصواريخ الخاصة بالسرايا (الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي») وكتائب القسام (الذراع العسكرية لحركة «حماس»)، خاصة الصواريخ البعيدة المدى، وذلك للعمل على الدخول إليها وتشغيلها وإطلاق الصواريخ في الوقت الذي تحدده، كي تربك الوضع بصورة مفاجئة»، في إشارة إلى «قسوة» الرد الإسرائيلي المتوقع في حال سقط صاروخ على مدن وسط فلسطين المحتلة.
وبينما تطلع الأجهزة الأمنية المصرية على هذا الجهد، الذي يمثل كسراً لقواعد الاحتواء والضغط التي كانت تمارسها «حماس» على السلفيين، تتوقع الحركة مزيداً من العمليات سواء في سيناء، أو محاولة سلفيين توجيه ضربات إلى الأمن في غزة، وذلك وفق تقييم وخلاصة يفيدان بأن ثمة «أوامر من الخارج» بتفعيل الخلايا السلفية داخل القطاع وإثارة قلاقل. وفي الوقت نفسه، يواصل «الأمن الداخلي» البحث، عبر قائمة أسماء، عن أشخاص دخلوا غزة قبل مدة وباتوا في رعاية «عناصر تكفيرية» داخل شقق مستأجرة مموّهة.
في المقابل، انتقل القرار الذي كانت قد اتخذته «كتائب القسام»، بالاستهداف المباشر بالنار لكل من يحاول تخريب التهدئة، إلى الأجهزة الأمنية الأخرى، التي صارت على تواصل مباشر مع «نخبة القسام» لاستدعائهم في حال تطورت أيّ مواجهة خلال أيّ عملية دهم، مع أوامر أيضاً بإطلاق النار مباشرة على كل من يحاول المواجهة أو تفجير نفسه.