ليس من الواضح إلى أين ستتجه قضية اتهام روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بعد دخول نجل ترامب في المشهد المرتبط بها. وحتى الآن، يسعى الإعلام الأميركي إلى الاستفادة ممّا جرى الكشف عنه من خلال رسم سيناريوات كثيرة

بعد دخول دونالد ترامب الابن في مشهد اتهام روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016، أخذت القضية منحى مختلفاً تماماً، وأكثر جدية. منذ أربعة أيام إلى اليوم تعيش الساحة الأميركية على وقع المعلومات التي كشفتها صحيفة «نيويورك تايمز» والرسائل التي نشرها ترامب الابن عن لقائه بمحامية روسية بهدف الحصول على وثائق تضر بالمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون.

أربعة أيام مليئة بتطورات بدت كأنها كنز سقط من السماء أمام وسائل الإعلام، التي تتعرّف إلى كيفية التعامل معها، بعد انبهارها بها، في وقت تواظب فيه الإدارة الأميركية على تعلّم «فن الإدارة» وطريقة التعامل مع الأحداث، التي تزداد صعوبة يوماً بعد يوم.
نهار أمس كان حافلاً بالتحليلات التي تناولت مراسلات ترامب الابن التي تطرّقت إلى الإعداد للقائه بالمحامية الروسية. وقد وصل الأمر بالبعض إلى الإشارة إلى أن ما جرى الكشف عنه ليس سوى عنصر إلهاء، وهو ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست»، معتبرة أنه «عبارة عن مسدس لعبة، يخفي الحقيقة».

ما ذكرته الصحيفة تردّد في مجلة «نيويوركر» بصيغة أخرى أكثر مكراً، حيث رأى جون كاسيدي أن الرئيس الأميركي يبدو راضياً عن «ترك ابنه يسقط». كاسيدي أشار إلى أن «ترامب الابن لا يملك أي صفة رسمية ضمن حملة الأب، وهو ليس عضواً في إدارته»، مضيفاً أن «سردية البيت الأبيض الناشئة ستجعله يبدو دخيلاً، وشخصاً مستقلاً لديه صلات قوية، لم يكن يتحدّث أو يتصرّف بالنيابة عن والده أو عن الحملة الانتخابية، عندما وافق على لقاء المحامية الروسية». ولكن كاسيدي وضع سيناريو في مقابل ذلك يشير فيه إلى أنه «حتى لو تمكن البيت الأبيض من إقناع أي شخص بذلك، فسيواجه مشكلة ضخمة تتعلّق بحضور بول مانافور، الذي كان مدير حملة ترامب الانتخابية، اللقاء، إضافة إلى صهره جارد كوشنر الذي يعدّ الآن من أقرب مستشاريه في البيت الأبيض».
موقع «ديلي بيست» ذهب، من جهته، إلى استباق جلسة استماع في الكونغرس ستتمحور حول إظهار الصلة بين المحامية الروسية ناتاليا فيسيلنيتسكايا وجهات استخبارية روسية، وبالتالي دحض تصريحاتها التي تنفي صلتها بالكرملن. ووفق الموقع الأميركي، «تملك المحامية الروسية صلات بمسؤولين سابقين في الاستخبارات والجيش الروسيين، وهو ما ستسمعه لجنة العدل في الكونغرس من ويليام بروودر، الأسبوع المقبل». وأشار «ديلي بيست» إلى أن هذا الأخير «هو مموّل أميركي حقّق في الفساد الروسي على مدى أكثر من عقد، وسيتحدّث أمام اللجنة المذكورية عن صلات فيسيلنيتسكايا بالحكومة الروسية، بما فيها بأعضاء كبار في وكالة الاستخبارات التابعة للقوات المسلحة الروسية ودائرة الأمن الاتحادية، وهما وكالتان أساسيّتان في الاستخبارات الروسية».
وبانتظار المزيد من التحليلات والسيناريوات التي يبدو أن وتيرتها ستزداد قوة في الأيام المقبلة، دافع الرئيس الأميركي، أمس، عن ابنه البكر، وكتب عبر موقع «تويتر» أنه «كان صريحاً ونزيهاً وبريئاً»، مضيفاً أن «هذه أكبر عملية تنكيل سياسي في التاريخ. شيء محزن».
ويأتي كلام ترامب بعدما كان نجله قد صرّح، في وقت متأخر من نهار الثلاثاء، بأنه لم يُطلع والده على الاجتماع عندما لم يحصل على أيّ معلومات من شأنها أن تلحق الضرر بكلينتون. وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، أكد أنه «كان مجرد لا شيء. لم يكن هناك ما يقال». لكنه بدا كأنه أقرّ بارتكاب هفوة، وقال: «في عودة إلى الوراء، كنت على الأرجح سأتصرف بشكل مختلف بعض الشيء»، مضيفاً: «بالنسبة لي، كان الأمر يتعلّق بالحصول على معلومات عن المنافسة، كانت لديهم ربما أدلة ملموسة حول كل القصص التي كنت أسمعها، لذلك أردت الاستماع إلى كل ذلك، لكنه لم يفضِ إلى شيء في الحقيقة».
كذلك، صرّح المتحدث باسم الكرملن، ديمتري بيسكوف، للصحافيين قائلاً: «سبق أن قلنا إننا لسنا على علم بهذه القضية. لم نكن يوماً على اتصال بهذه المحامية وليس لدينا ما نقوله في هذا الشأن».

المصدر: الأخبار