التقى رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، أمس، وزير الاقتصاد والتجارة القطري، أحمد آل ثاني، في أنقرة، بحضور نظير الأخير، نهاد زيبكجي، في اجتماع جدّد بعده يلدريم التأكيد على وقوف بلاده إلى جانب قطر في «هذه الفترة الصعبة»، وذلك بعدما لعبت تركيا، منذ بدء الأزمة الخليجية، دوراً مهماً في دعم قطر.
وليس وقوف تركيا إلى جانب قطر في أزمتها مع دول الخليج دون مقابل، إذ تشكل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين واحداً من بين دوافع أنقرة الأساسية لدعم «شقيقتها» قطر، وهي علاقات بدأت تتطور بصورة خاصة على صعيد التبادل التجاري والاستثمارات المباشرة منذ عام 2013. وأعرب الوفد القطري عن شكره لتركيا «لما تقدمه من دعم» لبلاده، مع تشديد الطرفين على رغبتهما في تعزيز العلاقات الثنائية بشكل أكبر في جميع النواحي، وفي مقدمها المجالان الاقتصادي والتجاري.
يأتي ذلك بعدما أعلن وزير الاقتصاد التركي، أول من أمس، أن بلاده أرسلت 197 طائرة شحن و16 شاحنة وسفينة واحدة إلى قطر، لتلبية احتياجاتها اليومية، منذ 5 حزيران الماضي، مع تأكيده على مواصلة بلاده تلبية احتياجات قطر، سواء اليومية أو ذات الأمد الطويل. وأكد الوزير التركي أن خريطة العلاقات الاقتصادية والتجارية مع قطر ستبحث مع نهاية العام الحالي، فيما بدا الوزير القطري إيجابياً بقوله إن اقتصاد بلده «قوي للغاية، وسبق له أن أظهر مقاومة ضد الأزمات الاقتصادية الإقليمية والعالمية». ومنذ بدء «الحصار» الخليجي على قطر، سهّلت تركيا عملية توريدها للمواد الغذائية إلى الدوحة، وفق الوزير القطري.
وبشكل عام، وعلى الرغم من أن قطر ليست المستثمر الخليجي الأول في تركيا، إلا أنه، وقبل الأزمة، كانت تركيا تسعى إلى زيادة الاستثمارات القطرية. ويلخص حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عقب زيارته الدوحة في شباط الماضي، رؤيته للعلاقة الاقتصادية مع قطر. وتحدث أردوغان حينها عن ضرورة زيادة الاستثمارات القطرية في تركيا التي بلغت 1.2 مليار دولار وهي قليلة نسبة إلى الاستثمارات القطرية الخارجية المباشرة التي تصل إلى 53 مليار دولار.
ومنذ عام 2013، زادت الاستثمارات القطرية في تركيا بشكل ملحوظ، وهي استثمارات ذكرها أردوغان بقوله إن القطريين اتخذوا خطوة مهمة في شراء شبكة «ديجيتورك» الفضائية التركية للرياضة والمنوعات. بالإضافة إلى ذلك، فإن القطريين يملكون أسهماً بنسبة 50 في المئة في شركة «بي أم سي» التركية المصنعة للآليات العسكرية، كما قال أردوغان الذي تابع أنه اقترح على القطريين أيضاً الاستثمار في قطاع السياحة الشتوية في تركيا.
وأشار كذلك إلى أن القطريين يملكون أيضاً مصرفين في تركيا هما «فينانس بنك» و«أب بنك».
ووفق تقرير في «آل مونيتور» في 31 أيار، فإن هدف تركيا، إضافة إلى زيادة الاستثمارات القطرية المباشرة، هو رفع حصة تركيا في مشاريع البنى التحتية التي بدأت بها قطر تحضيراً لاستقبالها دورة كأس العالم لعام 2022.
وأشار نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شيمشك، في تشرين الثاني الماضي، إلى أن المستثمرين الأتراك أخذوا مشاريع بقيمة 13.7 مليار دولار في قطر، مضيفاً أن قطر تعامل تركيا معاملة مميزة بدعمها القوي للشركات التركية العاملة هناك. وتابع أن قطر تأتي في المرتبة السابعة بين الدول التي يقوم فيها المستثمرون الأتراك بأكثر المشاريع والتي تتصدرها مشاريع النقل من طرقات وشبكة مترو ومطارات ومرافئ بحرية. وأوضح أن بلاده جاهزة لتقديم أي مساهمة في التحضيرات لكأس العالم.
وتشكل موارد الطاقة القطرية، وخصوصاً الغاز الطبيعي أيضاً، دافعاً لتركيا لزيادة روابطها مع قطر، الآن ومستقبلاً. وبالنظر إلى الميزان التجاري بين البلدين لعام 2015، فقد بلغت قيمة الصادرات التركية من قطع بحرية وسلع كهربائية وأثاث إلى قطر 420 مليون دولار، بينما شكّل النفط ومشتقاته والسلع البلاستيكية أساس الصادرات القطرية لتركيا في العام نفسه بقيمة 361 مليون دولار.
يضاف إلى ذلك الاتفاقات العسكرية التي تجمع بين أنقرة والدوحة، وخصوصاً اتفاق نشر جنود أتراك منذ ما قبل الأزمة الخليجية والتي لها أوجه اقتصادية. ووفق الكاتب التركي فهيم تاشتكين في حديثه إلى إحدى القنوات الحكومية التركية، قبل مدة قصيرة، فإن الاتفاق العسكري التركي ــ القطري يسمح بإيجاد «أسواق جديدة لتركيا في قطاع الدفاع».