-شهادة مجلة “إسرائيل ديفينس″ العسكرية الاسرائيلية: ” أجهزة الأمن الإسرائيلية تواجه ورطة كبيرة, بالنظر إلى أن الهجمات التي ينفذها الفلسطينيون في الوقت الراهن تختلف كثيرا عن سابقاتها في السنوات الماضية, حيث تتمييز بروح تضيحة عالية غير مسبوقة”.
ببساطة وبمنتهى الوضوح نثبت ان جيل الانتفاضة الجديد يرعب الاحتلال، وان المحمدات الجبارين الثلاثة شهداء الاقصى اليوم، يوقظون القضية من سباتها العابر، بل انهم يعيدون القضية والاقصى الى قمة الاجندات مرة اخرى، فبرغم كل الضغوطات والحصارات والاجراءات التي يفرضها ويصعدها الاحتلال يوميا ضد اهلنا في الوطن المحتل، وفي القدس على نحو خاص منه، الا انهم نجحوا في اجتياز واجتياح كافة الحواجز والاجراءات الاحتلالية، ليكرسوا هواجس الانتفاضة وليأكدوا ان نفس انتفاضة القدس التي انطلقت عام 2015 حاضر ومستمر، وان روحية المقاومة الشبابية لم تهدأ ولم تنطفىء، بل انها في كل مرة تعود بقوة لتعيد الى المشهد جذوة الرفض والمقاومة لكل الاوضاع السائدة في فلسطين، وكل المؤشرات تتحدث عن جيل جديد من الشباب الفلسطيني الالجرىء الذي لا يهاب التصدي والاستشهاد في مواجهة قوات ومستعمري الاحتلال.
ولعلنا في هذا السياق نتوقف امام الدور الشبابي في مجريا الاحداث، فهناك زخم هائل من التقارير والمعطيات التي تتحدث عنهم وعن بطولاتهم وروحيتهم الاستشهادية، فالذي يحمل سكينه ويتوجه للجنود او المستوطنين المسلحين ليهاجمهم وليطعنهم، فانه يعرف مسبقا انه متوجه للموت حتما، فيحمل روحه على كفه بمنتهى الجرأة والاقدام، وفي ذلك جاء في تقرير فلسطيني:” ولدوا من رحم انتفاضة الأقصى، وقد تسموا بأسماء شهداء الانتفاضة تيمناً ببطولاتهم وتضحياتهم، ترعرعوا على أنموذجين في الساحة الفلسطينية؛ أنموذج قهر المحتل وإجرامه منقطع النظير، وأنموذج البطولة والتضحية الذي يرفع الهمم ويؤجج نار الثأر والثورة في صدورهم. الشاعر قتيبة عبد الرحمن يؤكد بأن هذا الجيل لم يرَ الذل، ولم يعرف المحنة ولم تقهره السجون ، فقلبه قوي وجنانه شديد لم ينكسر، واثق معتد بنفسه، ثابت راسخ القلب، جيل فتح عينيه بعد الحلم على حروب الاحتلال العدوانية على الشعب الفلسطيني وعلى المعارك اليومية، ويؤكدبأن هذا الجيل هو من يصنع الثورة والانتفاضة، وهو جيل النخبة في غزة، وهو جيل الطعن في القدس والضفة، جيل لا يعرف الحسابات، ولا يتردد”.
المحلل السياسي إياد القرا يرى” أن هذا الجيل هو امتداد للأجيال الماضية في مقاومة الاحتلال، لكن هذا الجيل يتميز بأنه تعرض لمحاولات طمس متعددة؛ منها أن التسوية السلمية هي الحل للقضية الفلسطينية، وأن الأمن الاقتصادي والترفيهي هو السبيل للعيش بكرامة، ويؤكد القرا :”أن هذا الجيل اكتشف خطأ هذه المفاهيم وفشل هذه المشاريع، وبحث عن مخرج لذلك، فوجد في التجارب السابقة أن الثورة والتمرد ومواجهة الاحتلال هو السبيل لإزالة الظلم”، ولفت القرا إلى أن مشاركة الفتيات هي جزء من هوية الجيل الحالي، خاصة وأن المشاركين غالبيتهم من طلاب الجامعات الفلسطينية وبينها أهم جامعة هي جامعة بيرزيت والنجاح، وهي تمثل كافة طبقات المجتمع الفلسطيني وطليعة التحركات الطلابية تاريخيا.
ومن جهته صرح رئيس الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية (مؤسسة باسيا بالقدس)، الدكتور مهدي عبد الهادي بأن الانتفاضة الحالية مختلفة كلية عن الانتفاضة الاولى والثانية، فيها تصميم وارادة، مؤكداً ان احد شروط استمرارها في ظل غياب الحل والافق السياسي هو افراز قيادة لها”، وقال الدكتور عبد الهادي: “المذهل والمفاجئ ان هؤلاء الشبان الذين يخرجون اليوم، يخرجون بدافع الحرص على مستقبلهم، رافضين الاحتواء من الفصائل الفلسطينية التقليدية، وتابع عبد الهادي: “هذه المقاومة ذات عنفوان، يعلم من خرج لطعن جنود ودهس مستوطنين انه سيواجه الموت ورصاص الاحتلال، ولا يبالي، لماذا؟، ليس يأس كما يقول البعض، بل تطوير لما هو متاح ومتوفر من وسائل للمقاومة خاصة بعد ان سقط الوهم”.
واسرائيليا، كشفت مجلة “إسرائيل ديفينس″ العسكرية العبرية عن مفاجأة مفادها ” أجهزة الأمن الإسرائيلية تواجه ورطة كبيرة, بالنظر إلى أن الهجمات التي ينفذها الفلسطينيون في الوقت الراهن تختلف كثيرا عن سابقاتها في السنوات الماضية, حيث تتمييز بروح تضيحة عالية غير مسبوقة”، وأضافت المجلة في تقرير لها “أن جهاز الأمن الإسرائيلي العام “الشاباك” أصدر تقريرا حول العمليات الفلسطينية الحالية أظهر أن منفذي هذه العمليات “نوعية جديدة من الشباب الفلسطينيين غير المنتمين لحركات فلسطينية مسلحة، ويتمتعون بروح تضحية عالية”. وكانت الكاتبة الإسرائيلية عميره هاس قالت “إن المواجهات المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية تعكس فقدان الأمل لدى الأجيال الفلسطينية الجديدة, بسبب ممارسات إسرائيل وفشل السلطة الفلسطينية”، وأضافت الكاتبة في مقال نشرته بصحيفة “هآرتس″ الإسرائيلية أن المواجهات المستمرة في الأراضي الفلسطينية, يقف خلفها جيل جديد من الفتيان والشبان الفلسطينيين, الذين فقدوا كل أمل في اتفاق أوسلو “، وتابعت ” هذا الجيل الجديد من الفتيان والشبان الفلسطينيين يواجهون يومياً حواجز الجيش الإسرائيلي المنتشر داخل القدس وخارجها، بدل أن تتوفر لديهم أماكن عمل. واستطردت ” الفلسطينيون يواجهون يوميا أيضا الجدار العازل في الضفة الغربية، بدل أن تتاح أمامهم حرية الحركة والتنقل، والحصول على الأمل في مستقبل أفضل”.
وتحت عنوان”جيل لا يخافنا” كتب نوعم أمير في معاريف يقول:”منذ بدأت موجة الإرهاب-اي العمليات الفدائية- الحالية يعمل جهاز الأمن في تضافر بالقوى لإحباط العمليات. في الأيام والليالي تعتقل القوات المطلوبين، تجمع المعلومات الاستخبارية وتصادر مواد تحريضية، منذ بدأت موجة الإرهاب اعتقل نحو ألف مطلوب، معظمهم مخلون بالنظام بالعنف. الاعتقالات، كما يقولون في جهاز الأمن، هي أحد العوامل الاساس في أن موجة الارهاب لا تنجر إلى انتفاضة مثلما كان في العام 2000. ويعرب قائد اللواء العسكري في منطقة قلقيلية:عن تشاؤمه قائلا: تربى هنا جيل لا يتذكر السور الواقي ولا يخاف”.
وخلاصة القول عن الشباب والفتيات الفلسطينيين والفلسطينيات: “أن الفكرة الأهم في هذه الإنتفاضة، أنها كسرت فكرة أن هنالك جيل فلسطيني يهزم، لأن الإسرائيلي منذ العام 1948 راهن على كسر إرادة الأجيال الفلسطينية، وفي كل مرة كان هنالك جيل يفاجئه ويطلق ثورة من نوع خاص، ترسّخ بقاء المقاومة في البيئة الفلسطينية وتحبط الإسرائيليين…الإسرائيليون راهنوا على أن الجيل الفلسطيني الجديد هو جيل “أوسلو” لأنه في الضفة الغربية عاش في ظل وجود “دايتون” ، لكن العدو الإسرائيلي فوجئ بأن هذا الجيل يقاوم بكل ما أتيح له من قوة، ولا ينتظر أن يمتلك أدوات مميزة ليقاوم”.