صدرت أخيراً رواية "درويش صنعاء" للدبلوماسي والروائي اليمني الدكتور أحمد الصياد عن (الدار العربية للعلوم- ناشرون) في بيروت.

الرواية سياسية يسلّط الصياد من خلالها الضوء على المشهد السياسي المعاصر لبلاده. فقد كانت لملحمة حصار صنعاء أو حصار السبعين يوماً (28 نوفمبر تشرين الثاني 1967 – 8 فبراير شباط 1968)، رمزية خاصة في الذاكرة اليمنية بمختلف مكوّناتها.

كانت هذه الملحمة قد وحَّدت المعسكر الجمهوري بكل تياراته السياسية والفكرية، من أجل الدفاع عن العاصمة المحاصرة، في مواجهة المعسكر الملكي الذي أحكم حصاره على العاصمة، وسيطر على كل الجبال المحيطة بها، مستفيداً من دعم معظم الأنظمة العربية، وتجنيده لعدد من المرتزقة الأجانب القادمين من أكثر من دولة.

كانت المعركة غير متكافئة، وأُعلن عن قرب سقوط صنعاء في أكثر من وسيلة إعلامية خارجية. لكن المعسكر الجمهوري المؤمن بعدالة قضيته ومشروعية مطالبه وتلاحم قواته المدنيّة والعسكرية، أسقط تلك المراهنات وتمكن من صنع الانتصار ودحر قوى الملكية.

كثيرة هي الأحداث التي عاشتها المدينة المحاصرة خلال أيام ليالي الحصار، التي يتناولها هذا العمل بأسلوب رشيق وسلس ومفهوم، خاصة أن الكاتب كان حاضراً ومساهماً في الدفاع عن مدينته المحاصرة. وقد أضاف حضور الدرويش برهان طيلة أيام الحصار إلى هذا العمل روعة وتميزاً، حيث جسّد قيم الحب والتسامح ومُثُل الحرية والعدالة والمساواة وجعل من الرقص والموسيقى بمختلف أدواتها وأنغامها، ومن الشِعر بمختلف تجلّياته محطات إضافية تشد القارئ إلى متابعتها والإعلاء من شأنها.

سنرى من خلال متابعة فصول هذا العمل كيف انتصرت الجمهورية عسكرياً وفشلت سياسياً، عندما حلّ بأبنائها وباء العصر الذي نهش الجسد اليمني ومنع الجسم من النمو والعقل من التفكير والقلب من الحب والعين أن ترى، وتمكّن من إجهاض أحلام شعب والقضاء على آمال أمة.

نشير الى أن الصياد شخصية ثقافية يمنية وعربية مميّزة. فقد سبق وتولى رئاسة المؤتمر العام لليونسكو ورئاسة لجنة البرامج والعلاقات الخارجية ورئاسة اللجنة الخاصة ومساعد المدير العام لليونسكو للعلاقات الخارجية والتعاون لفترة تصل إلى 15 سنة.

وقد رشح نفسه لمنصب المدير العام لليونسكو عام 1999، قبل أن ينسحب لصالح المرشح السعودي غازي القصيبي الذي خسر أمام الياباني كواتشيرو متسورا.

ففي تلك اللحظة كان الصياد هو المرشح الوحيد الذي نشر كتاباً باللغتين العربية والفرنسية بعنوان اليونسيكو-رؤية للقرن الحادي والعشرين، أوضح فيه "رؤية واضحة وشفافة عن اليونسكو وما هي إنجازاتها، أين فشلت وكيف يمكن لها أن تواجه تحديات الحاضر والمستقبل وتحافظ على عالميتها ومصداقيتها وأن تكون حقاً "ضمير الإنسانية"، كما قال نهرو عن هذه المنظمة.

وقد استطاع الصياد الى جانب كونه شخصية دبلوماسية معروفة لعبت دوراً مهماً في اليونيسكو، أن يحجز لنفسه مكانة مهمة في الأدب والشعر واللغة، فأصدر العديد من المؤلفات أهمها "اليمن وفصول من الجحيم" و"آخر القرامطة". ويعتبر خبيراً في المجلس الدولي للغة العربية.

المصدر: الميادين نت