توقفت صفقات تبادل الأسرى في اليمن لشهور جراء ضغوط من دول تحالف العدوان، ولا سيما السعودية، على الأطراف الموالية لها، فيما جاء «ذبح أسرى في تعز» ليضيف على الحرب مرحلة جديدة قابلتها «أنصار الله» بقصف «ما بعد الرياض»... على أنَّ صفقات محدودة للتبادل بدأت تتم خلال الأيام الماضية

شكّل إعلان «القوة الصاروخية» للجيش اليمني و«اللجان الشعبية» تدشين مرحلة ما بعد الرياض (في القصف الصاروخي الباليستي) ترجمة عملية لحديث زعيم حركة «أنصار الله» عبد الملك الحوثي، الذي نبّه إلى تصعيد كبير حتى نهاية العام الجاري، يجب الاستعداد له والتصدي.

وقال بيان «الصاروخية» أمس، إن «مصافي النفط السعودية أصبحت هدفاً عسكرياً»، مؤكدة أن إطلاق هذه المرحلة يأتي «رداً على جريمة ذبح الأسرى في موزع في تعز»، وذلك في وقت عادت فيه عجلة تبادل الأسرى إلى الدوران خلال الأيام القليلة الماضية.
وصدر البيان عقب إطلاق صاروخ «بركان 2-H» الباليستي على مصافي تكرير النفط في محافظة ينبع السعودية (تبعد ألف كلم عن الحدود الجنوبية)، وجاء فيه أن «العمليات الصاروخية سوف تستمر في تصاعد»، محذراً «تحالف العدوان من المساس بكرامة أسرانا... على العدو أن يسلك المسار التفاوضي لمعالجة ملف الأسرى، لأنه سيدفع الثمن غالياً إن لم يقم بذلك».
كذلك، خاطبت «الصاروخية» الشركات الأجنبية العاملة لدى تحالف العدوان بأن «تحزم حقائبها وتغادر مواقعها»، معلقة على محاولة الرياض التغطية بأن ما حدث كان بفعل حرارة الشمس، بالقول: «نعِد العدو بأن حرارةَ الطقس التي تحدث عنها سوف يلاقيها في عزّ الشتاء».
وبعد نحو نصف ساعة على إعلان «القوة الصاروخية» إطلاق الصاروخ، نقلت «وكالة الأنباء السعودية ــ واس» أنه «عند الساعة التاسعة واثنتين وعشرين دقيقة مساءً، ونتيجة لحرارة الطقس، فقد تعرض أحد المحولات الكهربائية التابعة لبوابة مصفاة سامرف للاحتراق، ولَم يسفر الاحتراق عن أي خسائر بشرية أو تشغيلية ولله الحمد».
ويمثل هذا القصف تحدياً جديداً للمملكة التي تشن حرباً على اليمن منذ أكثر من عامين، علماً بأن «أنصار الله» سبق أن أعلنت استهداف العاصمة السعودية الرياض، في كل من شباط وآذار الماضيين. في سياق متصل، أعلن رئيس حكومة عدن، أحمد بن دغر، استعداد حكومته لتبادل جميع الأسرى مع الجيش اليمني وحركة «أنصار الله»، بعد يوم من إعلان الأخيرة إتمام عملية تبادل أسرى مع القوات الموالية للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، هي الثانية خلال ثلاثة أيام، بعد توقف التبادل في المرحلة الماضية.
وذكر بن دغر أنهم يرغبون في «تبادل جميع الأسرى... عبر الأمم المتحدة والصليب الأحمر»، مطالباً بإطلاق سراح وزير الدفاع (في عهد هادي قبل هربه)، اللواء محمود الصبيحي. كذلك ادّعى أن «عدد المحتجزين والمخفيين في سجون الحوثيين بلغ أكثر من ثلاثة أطفال، سجين ومعتقل ومخفي»، قائلاً إنه سلّم قائمة بهم لـ«منظمة الصليب الأحمر الدولي».
وكانت وكالة «سبأ» الرسمية قد نقلت أول من أمس، عن «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى»، خبر إتمام صفقة تبادل تم بموجبها الإفراج عن ثمانية أسرى من «أنصار الله»، مقابل أسرى لأحد الفصائل المسلحة، دون تفاصيل أكثر.
وأتى ذلك بعد حديث عن صفقة أخرى في محافظتي مأرب والجوف (شمال) يوم الخميس الماضي، تم بموجبها الإفراج عن 10 من الطرف الأول، من دون معرفة عدد المفرج عنهم من موالي هادي. لكن «أنصار الله» والجيش اتهما تحالف العدوان بـ«عرقلة 5 عمليات تبادل لـ70 أسيراً».
ولا يُعرف على وجه الدقة عدد الأسرى لدى الجانبين منذ اندلاع الحرب في اليمن قبل أكثر من عامين، كذلك أخفقت الأمم المتحدة سابقاً في ترجمة التوافقات الأولية بالإفراج عن نصف المعتقلين والأسرى من الجانبين. ومنذ ذلك الوقت، تُبرم صفقات التبادل عبر وساطات زعماء قبليين.
في غضون ذلك، وصل رئيس «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، بيتر ماورير، إلى عدن، جنوبي البلاد، في مستهل زيارة لتفقّد الأوضاع الإنسانية، ومن المقرر أن يزور العاصمة صنعاء، وكذلك محافظة تعز إن تمكن.


وهذه هي الزيارة الثانية له إلى اليمن، فقد سبق أن زار البلاد في آب 2015. وقال ماورير، وفق بيان نشرته «الصليب الأحمر» أمس، إنه «سيحثّ جميع الأطراف المتحاربة على إتاحة الوصول الفوري وغير المشروط إلى الأشخاص المحتجزين على خلفية النزاع، وذلك بعد أن بلغ عدد الأسر التي تلجأ أسبوعياً إلى اللجنة الدولية للإبلاغ عن فقد أحد أفرادها 10 أسَر على الأقل». على صعيد الأوبئة المنتشرة في اليمن، قالت «منظمة الصحة العالمية»، أمس، إن عدد ضحايا الكوليرا ارتفع إلى ألف و858 وفاة، منذ تفشّي المرض في 27 نيسان الماضي، منها 11 حالة وفاة أول من أمس، ليحافظ الوباء على معدل الوفيات المنخفض الذي شهدته الأسابيع الأخيرة، والذي تجاوز 30 حالة يومياً.
وقبل ذلك، قالت «منظمة الصحة العالمية» في بيان، الجمعة، إن تفشّي الكوليرا الراهن في اليمن لا يزال بعيداً عن السيطرة عليه، ويمكن أن يتفاقم في موسم المطر حتى إن شهد معدل زيادة الإصابات بطئاً في بعض مناطق انتشاره.
كذلك، قالت «مؤسسة الإغاثة العالمية» (أوكسفام) إن عدد الحالات يمكن أن يزيد إلى أكثر من 600 ألف ليصبح «أكبر عدد مسجّل إلى الآن في أيّ دولة في عام واحد منذ بدء التسجيل»، أي أكثر من هايتي في 2011. كذلك قالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة»، فضيلة الشايب، في جنيف، إنه «كل يوم لدينا 5000 يمني جدد تظهر عليهم أعراض الإسهال المائي الحاد أو الكوليرا».
أيضاً، قال «صندوق الأمم المتحدة للسكان» إن «عدد اليمنيين المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية زاد من 18.8 إلى 20.7 مليوناً منذ كانون الثاني الماضي»، وذلك في وقت تتحدث فيه مصادر إعلامية عن وباء جديد يهدّد حياة اليمنيين، وهو التهاب السحايا الذي بدأ بالظهور في صنعاء، حيث سجل عدد من الوفيات في مستشفيات العاصمة صنعاء خلال الأسبوعين الماضيين نتيجة الإصابة به.

المصدر: الاخبار