بدأت موسكو نشر قواتها علناً في محيط منطقتي «تخفيف التصعيد»، في الجنوب والغوطة الشرقية، لتبدأ مرحلة جديدة في تلك الاتفاقات، يبدو أنّ «إزاحة النصرة» ستكون عنوانها الأبرز
بعد أيام على وصول قوات الشرطة العسكرية إلى مواقع في ريف مدينة درعا، ضمن خطط انتشار أولية تمهّد لدورها المرتقب وفق اتفاق الهدنة الروسي ــ الأميركي في الجنوب الموقَّع في عمّان، أعلنت موسكو أمس رسمياً نشر قواتها في الجنوب، إلى جانب إقامة مراكز ونقاط مراقبة وتفتيش على حدود منطقة الغوطة، وفق مقتضى اتفاق الهدنة الخاص بالمنطقة، والموقَّع في القاهرة منذ أيام.
الانتشار الروسي يأتي في خطوة أولية لضمان تثبيت وقف إطلاق النار ومنع تغيير خطوط السيطرة القائمة، استعداداً لمرحلة لاحقة تتضمن الإشراف على دخول المساعدات إلى «مناطق تخفيف التصعيد» تلك. وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أنها نشرت نقطتي تفتيش و10 مراكز مراقبة على حدود منطقة «تخفيف التوتر» في الجنوب، التي تشمل مناطق في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء. وأضافت أنها أقامت نقطتي تفتيش و4 مراكز مراقبة في محيط منطقة الغوطة الشرقية. ولفت رئيس مديرية العمليات في هيئة الأركان سيرغي رودسكوي، إلى أن الجهود الروسية «أفضت إلى وقف ناجح للقتال في منطقتين... وستعمل على استقراره لتسهيل حركة الشحنات الإنسانية وعودة المهجّرين». وقال إن «العمل مستمر لإقامة منطقة تخفيف توتر في ريف إدلب».
ومن مراقبة مجريات الاتفاقات التي وُقِّعَت أخيراً، يظهر أن الانخراط الروسي في ضمان أمن مناطق «تخفيف التوتر» بدأ يلقى قبولاً من مختلف الأطراف المعنية بوقف إطلاق النار. وتشير تفاصيل الاتفاقات التي تضمن هذا الانخراط، إلى وجود إصرار روسي على تنفيذ مطالبهم القديمة ــ المتجددة، بإزاحة «جبهة النصرة (هيئة فتح الشام)» من مشهد تلك المناطق المندرجة ضمن الهدن. وبينما جرى الحديث عن مفاوضات سرية جارية تهدف إلى إخراج «النصرة» من الجنوب، اشترط «اتفاق الغوطة» صراحة، كما نُقِل، سيطرة «المعارضة» على كامل المناطق هناك وإبعاد «النصرة» عن المشهد، للانتقال نحو المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تتضمن دخول المساعدات وإطلاق نشاط إعادة إعمار لتلك المناطق. وأكّد الاتفاق أن وقف الغارات الجوية لن يُطبّق في المناطق التي لا تزال «خارج سيطرة المعارضة». وفي السياق نفسه، خرج وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، ليؤكد أنه «خلال مدة طويلة، لم يستطع شركاؤنا الأميركيون، خلال إدارة باراك أوباما، فصل الإرهابيين عن المجموعات المعتدلة في المعارضة السورية»، موضحاً أنه «في ضوء إنشاء مناطق (تخفيف التصعيد)، استطعنا تحقيق ذلك».
وقد يتسق الجهد الروسي المضمّن في الاتفاق مع ما خرج عن «جيش الإسلام» من تصريحات بهذا الشأن، أكد فيها أنه سيعمل على «إخراج النصرة» من الغوطة بنحو كامل. غير أن موافقة الفصائل المسلحة على هذا التفصيل، يتطلب قبولاً من داعميها الدوليين، ومكسباً مقابلاً في الاتفاق. وعند النظر في تفاصيل الاتفاق، يظهر بند يضم «تشكيل مجالس محلية لإدارة شؤون المدنيين» في الغوطة. وهذا الشرط يفتح المجال أمام شكل من أشكال الإدارة أو الحكم المحلي (الذي ورد أيضاً في تسريبات «اتفاق الجنوب»)، وهو تفصيل من شأنه إثارة أسئلة وعقد مستقبلية كثيرة.
وفي موازاة ذلك، يتابع الجيش السوري وحلفاؤه عملياتهم في ريف الرقة الجنوبي، محققين تقدماً إضافياً أمس، تمثل في السيطرة على مساحات إضافية شرق قرية السبخاوي، على بعد قرابة 25 كيلومتراً جنوب غرب معدان. كذلك، هاجم الجيش مواقع «داعش» في بلدة حويجة شنان على ضفة الفرات الجنوبية، شرق بلدة دلحة التي ثبّت نقاطه فيها، بعد قطع طريق الرصافة ــ دير الزور، الممتد إلى مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، على الضفة الجنوبية للفرات، المقابلة لمدينة الرقة.