الغوطة تستقبل أولى المساعدات الروسية

يسود الترقب لتطورات اتفاقات «تخفيف التصعيد» في المنطقة الجنوبية والغوطة الشرقية، بالتوازي مع اندفاع موسكو للمضي قدماً في تنفيذها، مستفيدة من نفوذها العسكري وإمكاناتها الإغاثية القوية. وبعد القرار الأميركي بوقف برنامج «CIA» لتدريب المعارضة السورية وتسليحها، خرج الرئيس دونالد ترامب بموقف حاد تجاه البرنامج، منتقداً وضع القرار في خانة محاباة موسكو

بعد يوم واحد على انتشار الشرطة العسكرية الروسية في محيط منطقة «تخفيف التصعيد» في الغوطة الشرقية، دخلت أولى القوافل الإغاثية التي ترسلها موسكو إلى مناطق سيطرة الفصائل المسلحة، وترافقت مع إجلاء لعدد من الحالات الطبية من داخل تلك المناطق.

المبادرة الروسية السريعة التي تندرج ضمن إطار الاتفاق الموقع في القاهرة، بدت كبادرة حسن نيّة من الطرفين الروسي والسوري على حد سواء، وإشارة إيجابية للفصائل لدفعها نحو العمل على تنفيذ حصتها من الالتزامات في الاتفاق بخصوص «هيئة تحرير الشام» ووجودها في الغوطة، ولا سيما أن تسليم القافلة ترافق مع استهداف الجيش لنقاط داخل الغوطة، في مواقع محسوبة على «الهيئة» والفصائل المقربة منها. وبينما أفادت وكالة «تاس» الروسية بأن نقاط المراقبة والتفتيش الروسية التي نشرت بمقتضى الاتفاق في محيط الغوطة، هي نقاط مشتركة مع قوات الجيش السوري، قالت وزارة الدفاع إن «المركز الروسي للمصالحة في سوريا، أوصل أكثر من عشرة آلاف طن من المواد الغذائية والأدوية الضرورية». ولفتت إلى أن شاحنات المساعدات سُلِّمَت «بإشراف ممثلين للفصائل المعارضة» في نقاط للشرطة العسكرية الروسية، قبل أن تتوجه إلى دوما، مضيفة أنه جرى «إجلاء جرحى ومرضى من مناطق تسيطر عليها المعارضة» في الغوطة.
وفي الوقت الذي يتقدم فيه تنفيذ «اتفاق الغوطة» بسرعة، يسود الهدوء غالبية جبهات الميدان الخاضعة لاتفاقات تهدئة. وأظهرت جبهات المنطقة الجنوبية التزاماً لافتاً بوقف إطلاق النار خلال الأيام القليلة الماضية، في مقابل تسجيل خروقات متعددة على عدة محاور في ريف حماه الشمالي، وريف اللاذقية الشمالي. وفي موازاة ذلك، عادت مناطق محافظة إدلب لتشهد استقراراً نسبياً بعد أيام من الاشتباكات التي انتهت باتفاق فرضته «تحرير الشام» على «حركة أحرار الشام»، وسيطرت من خلاله على مركز مدينة إدلب والمناطق الحدودية ومراكز مهمة في ريف المحافظة. وبدا لافتاً أن تركيا التي وقفت متفرجة خلال النزاع «الأهلي» في إدلب، أعادت افتتاح المعبر المقابل لباب الهوى السوري، باتجاه واحد نحو الداخل السوري.
وعلى صعيد آخر، ينتظر ما سيفضي إليه قرار واشنطن وقف برنامج التدريب والتسليح لفصائل المعارضة السورية، بعدما أكد الرئيس دونالد ترامب بدوره، صدور هذا القرار. وبرر ترامب قراره وضع حد للبرنامج، بأنه «ضخم وخطير وغير فعال». ورأى أن «واشنطن بوست (التي نشرت مقالاً اتهم ترامب باتخاذ القرار محاباة لروسيا) لفّقت وقائع حول قراري وضع حد لمدفوعات طائلة وخطيرة وغير فعالة للمقاتلين السوريين الذين يحاربون (الرئيس السوري بشار) الأسد». وفي سياق متصل، اعتبرت دمشق على لسان وزير المصالحة علي حيدر أن قرار ترامب إيجابي، ولكن المطلوب «إغلاق حدود الدول التي يعبرها الإرهابيون إلى سوريا».
وفي غضون ذلك، يتابع الجيش السوري وحلفاؤه تقدمهم على جبهة ريف الرقة الجنوبي، في محيط طريق الطبقة ــ دير الزور. وتشير معطيات الميدان إلى أن الجيش سيحاول استكمال تحركه على طول الفرات جنوباً نحو دير الزور، في مسعى لقطع الطريق أمام أي تحرك قد يخطط له «التحالف الدولي» بالتعاون مع الفصائل التي تقاتل تحت لواء «قوات سوريا الديموقراطية»، والتي تتمركز في منطقة الكبر، على بعد قرابة 40 كيلومتراً شمال غرب الدير. كذلك، ينشط الجيش تحركه على المحور الجنوبي الغربي لمدينة السخنة، محققاً تقدماً لافتاً خلال اليومين الماضيين، شمال شرق حقل الهيل النفطي.
وفي سياق منفصل، شدد رئيس وفد «هيئة التفاوض العليا» المعارضة إلى محادثات جنيف، نصر الحريري، على أن اللقاءات التقنية على هامش المحادثات «لا تصوغ دستوراً جديداً» لسوريا، بل يدور الحديث فيها حول عملية وضع الدستور وجدولها الزمني، ضمن مبادئ عامة إرشادية للمرحلة الانتقالية. ولفت في مقابلة مع «الأناضول» التركية، إلى أن «أحداً لم يناقش مسألة الدستور، بل كانت هناك توافقات على مبادئ دستورية عامة، مثل وحدة سوريا واستقلالها والمساواة بين المواطنين، وغيرها». وأشار إلى أن «هناك تطورات ميدانية وسياسية... الأولوية الأميركية هي مكافحة الإرهاب، والحد من النفوذ الإيراني، ومناطق خفض التوتر، ودعم عملية الاستقرار عبر عملية سياسية»، مضيفاً أن «دي ميستورا ينتظر نتائج التطورات، ومنها معركة الرقة، واتفاق خفض التوتر، الذي جرى في أستانا وحقق نجاحات، فضلاً عن اتفاقات تُدرس لخفض التوتر في المنطقة الجنوبية... النتائج على هذه المسارات ستدفع العملية السياسية إلى الأمام». وقال الحريري: «ننتظر من الإدارة الأميركية أن تكون صادقة. لا نريد فتح معارك عسكرية ضد (داعش) فقط. هذا مطلوب، ولكن يجب أن تكون ضمن استراتيجية متكاملة تتألف من محاربة الإرهاب، ووقف إطلاق النار، ودعم عملية سياسية تحقق الانتقال السياسي».

المصدر: الأخبار