في سوريا إن حلمت بشراء سيارة جديدة، فالحل إما منتج محلي أو آخر من دولة صديقة. إذ لم يعد العثور على سيارة جديدة أمراً سهلاً، والسيارات الموجودة استهلكت من دون أن «تتعب» أسعارها من التحليق. ما حدث أخيراً، هو طرح سيارات جديدة في السوق المحلية ترجع في غالبيتها إلى دول «صديقة»، وصُنِّعَت في الأراضي السورية... وبأسعار أيضاً خيالية
دمشق | وسط ساحة الأمويين في دمشق، وقفتْ خلال شهر رمضان الفائت وفي الفترة التي تليه، سيارتان جديدتان أراد صنّاعهما أن يعلنوا عنهما بطريقتهم الخاصة من خلال تقديمهما مجاناً لفائزيْن اشتركا ببرنامج بثته قناة «سوريا دراما».
السيارتان هما منتج محلي، أو بمعنى أدق هما تجميع محلي نفذته شركة سورية اسمها «صروح الإعمار»، تتعاون مع شركة «BYD» الصينية المتخصصة في مجال السيارات. وفي يوم إطلاق السيارة الجديدة صرّح المدير العام للشركة علاء حميشو، بأن هدفهم «توفير منتج محلي بالاعتماد على المواد المتوافرة محلياً»، مبيّناً أن الطاقة الإنتاجية السنوية للمصنع تصل إلى 30 ألف سيارة.
سيارات غير معروفة
يعمل القائمون على معامل السيارات في سوريا على سدّ حاجة السوق لسيارات جديدة بعدما توقفت سوريا عن استيرادها. ولكن في المقابل، ليس سهلاً على المستهلكين تجربة سيارة غير معروفة لم يسمعوا بها من قبل. ولن يقتنعوا بسهولة بالتخلي عن ثقتهم بالسيارات الكورية أو اليابانية التي اعتادوها، أو حتى الصينية في أسوأ الأحوال. ويقرّ معاون المدير العام لـ«شركة خلوف»، سعيد خلوف، بصعوبة مهمتهم الحالية، و«خلوف» هي شركة أخرى تعمل في محافظة حماه، وقد طرحت أخيراً منتجاً جديداً اعتمدت في تسويقه من خلال شبكة موزعين، ومعارض عديدة للبيـع. وتدرك الشركة أن قوتها التنافسية تكمن في أن سيارتهم مجمعة بالكامل في مصانع سوريّة، وبالتالي إن الحصول على الخدمات وتوفير قطع التبديل سيكون أمراً سهلاً.
وفي إجابته عن سؤال عن سعر السيارة الجديدة، يقول خلوف إن «الرقم الحالي ــ وإن بدا مرتفعاً في نظر البعض ــ يبقى أقل تكلفة من أي سيارة جديدة ستدخل البلد حتى لو كانت صينية المنشأ». ويؤكد أن «سيارتهم الجديدة هي نتاج تعاون مع شركة صينية ضخمة، هي (دونغ فينغ موتور)، وهي من أهم الشركات العريقة في الصين». وفي المقابل، يرجع تأسيس شركة خلوف لعام 1973، وهي شركة تجارية محدودة المسؤولية، بدأت نشاطها في مجال المعدات والآليات الزراعية والصناعية، ثم عملت في مجال الدراجات النارية، وبعدها انتقلت في عام 2008 لتجميع السيارات، واستمرت بالعمل حتى 2012، ثم توقفت بسبب الحرب والظروف الاقتصادية، لتعاود العمل من جديد في العام الجاري، «وذلك بعد استقرار الوضع نسبياً في البلاد والاستفادة من توجيهات الحكومة لإعادة الإعمار، خاصة بعدما لمسنا حالة تعطش في السوق المحلية للسيارات الجديدة، وقد أطلقنا موديلاً سياحياً، ونعمل على طرح آخر من فئة الجيب»، يقول خلوف.
لا ينكر الرجل وجود صعوبات تعوق عملهم، وإن حاول تجاوز الحديث عن تفاصيلها، واكتفى بالإشارة إلى موضوع اليد العاملة وارتفاع تكاليف الإنتاج عامة.
معرض في الهواء الطلق
تقف سيارات خلوف مع نظيراتها العائدة لشركة «إعمار»، وأخريات تابعات لشركة «سيامكو» في مرأب «الدامسكينو مول»، وهو واحد من المراكز التجارية الضخمة في منطقة تنظيم كفرسوسة في دمشق. ويحاول العارضون الاستفادة من كثافة الزوار لهذا «المول» وجاره «شام سنتر». وقد تكون مهمة شركة «سيامكو» أسهل في شرح منتجاتها وعرضها للزبائن، لأنها تملك سمعة سابقة ترجع لما قبل الحرب، حينما طرحت سيارة «شام»، وحققت نسبة بيع جيدة في السوق المحلي، واعتمدتها الكثير من الجهات الحكومية.
ويوضح معاون وزير الصناعة نضال فلوح، أن «عجلة إنتاج السيارات توقفت خلال الفترة الماضية بسبب العقوبات التي فُرضت على سوريا، وبسبب صعوبات النقل وتأمين القطع»، لهذا اضطرت معظم الشركات المحلية إلى ضبط الإنتاج على الكميات التي بإمكانها توفير مستلزماتها وتسويقها، مع مراعاة القوة الشرائية في السوق المحلية، وأولويات الحكومة في تمويل المستوردات وتخصيص الأموال لشراء المنتجات النهائية لهذه الشركات.
وعن قدرة المنتج المحلي على المنافسة، وخصوصاً الموديلات التي تطرحها «سيامكو»، يقول فلوح: «تلبي مواصفات السيارات التي تنتجها سيامكو جميع متطلبات السوق السورية باستثناء علبة السرعة الأوتوماتيكية التي ستُدخَل فور توافرها في مصادر مكونات السيارات (شركة إيران خودرو) التي تعرضت هي أيضاً للعقوبات خلال سنوات الأزمة حتى بعد توقيع الاتفاق النووي». ويُرجع سبب ارتفاع الأسعار إلى «سعر صرف القطع الأجنبي»، الذي يصفه بأنه خارج سيطرة الشركات الصناعية، ما أدى بالضرورة إلى ارتفاع كلفة إنتاج السيارات، باعتبار أن استيراد مكونات السيارات هو بالقطع الأجنبي.