أعلنت «القوة الصاروخية» اليمنية قصفها قاعدة الملك فهد الجوية في مدينة الطائف السعودية (تبعد نحو 550 كلم عن الحدود اليمينة)، بعدة صواريخ بالسيتية. وقالت مصادر يمنية عسكرية إن الصورايخ التي أطلقت مساء أمس «أصابت أهدافها بدقة».
أما في آخر تطورات الفوضى في معقل «الشرعية»، جنوب اليمن، وفي دليل جديد على فقدان الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي السيطرة على الحكم، فقد غادرت القوات التابعة للواء 103 مشاة مدينة عدن أمس إلى محافظة أبين، في خطوة رجّحت تقارير صحافية أن تكون ضمن خطة لإعادة توزيع الجيش في مناطق خارج المدينة.
ووفق مصدر عسكري، جاء الانسحاب بعدما رفض تحالف العدوان «الشروط التي طالبت بها قيادات في ألوية الحماية الرئاسية... ومن ضمنها التسليح بأسلحة ثقيلة ومتوسطة». ووفق المصدر، الذي نقلت عنه مواقع متابعة للشأن اليمني، وصفت قيادة «التحالف» الشروط بـ«التعجيزية»، معتبرة أنها «محاولة التفاف على الاتفاق الذي تصرّ الإمارات على تنفيذه». كذلك، بدا أن «التحالف» يرى أن «وجود العشرات من العناصر المنتمية إلى تنظيمات إرهابية وقيادات عسكرية إخوانية بين قوام ألوية الحماية الرئاسية يشكّل خطراً وتهديداً كبيراً على قواته وطائراته، وكذلك على المنشآت الحيوية في المدينة». وسبق أن أعلنت قيادة المنطقة العسكرية الرابعة التابعة لهادي، قبل شهر، بدء خطة انتشار لقواتها خارج عدن، وذلك قبل أن تعرقلها بعد خلاف نشب بينها وبين تحالف العدوان حول آلية الانسحاب ومراحله، واشتراط خروج الميليشيات الجنوبية الموالية للإمارات وقوات «الحزام الأمني» من عدن أولاً.
وتواجه المدينة تحديات كبيرة نتيجة الاختلافات والانقسامات السياسية والمجتمعية التي تتفاقم في ظل سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية. وفي هذا السياق، كشفت تقارير صحافية عن تسلّم عدد من الناشطين «ذوي الأفكار العلمانية» في عدن «رسائل تهديد موسومة بتوقيع الدولة الإسلامية ــ ولاية عدن تتوعدهم بالتصفية». يأتي ذلك في وقت تشهد فيه عدن تصاعداً في الاعتداءات ضد الناشطين والإعلاميين على خلفية تهم متصلة بعقائدهم وأفكارهم، وبعدما قتل مسلحون مجهولون الشابين عمر باطويل وأمجد عبد الرحمن بتهمة «العلمنة والإلحاد».
في حادثة مشابهة، تقول الناشطة الحقوقية راوية جواس، إن «جهات لفّقت تهمة العلمنة لخطيبها غلام إسحاق»، مشيرة إلى أن «والدة إسحاق وشقيقيه تركوا المنزل خشية تعرضهم للتصفية على يد جماعات متشددة». ووفق جواس، «فوجئ غلام الشهر الماضي بمذكرة استدعاء على ذمة شكوى مرفوعة من ثلاثة أشخاص تتهمه باعتناق العلمانية... رغم أن العلمانية ليست ديناً».
في غضون ذلك، تستمر الحالة الإنسانية في اليمن بالتدهور، في ظل استمرار عمليات القصف واشتداد الحصار المفروض، إذ أعلن «صندوق الأمم المتحدة للسكان» أمس أن «20 مليوناً و700 ألف يمني (نحو ثلثي السكان)، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة أو الحمایة جراء تصاعد النزاع المسلح»، واصفة الأوضاع في البلاد «من بين أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم».
ووفق تقرير للصندوق الدولي، «قتل نحو 8167 شخصاً، وجُرح أكثر من 46 ألفاً آخرين، فيما نزح مليونا شخص داخل اليمن بسبب العمليات العسكرية». وأضاف التقرير أن «الوضع الإنساني في البلاد كان حرجاً حتى قبل 2015، لكن العامين الماضیین وضعا اليمن على شفا المجاعة»، مشيراً إلى أن «60% من السكان يعانون انعدام الغذاء، فيما أصيب 333 ألفاً بالكوليرا أخيراً».
ويأتي تقرير الصندوق الدولي بعد ساعات من تقرير أممي اتهم تحالف العدوان بشن هجوم دامٍ على قارب مهاجرين صوماليين قبالة سواحل اليمن في آذار الماضي، ذهب ضحيته 42 شخصاً.
وقال المحققون، الذين أعدوا التقرير السرّي المؤلف من 185 صفحة وتمّ طرحه أمام مجلس الأمن، إن «القارب المدني قصف باستخدام سلاح من عيار 7.62 ملم من طائرة مروحية مسلحة»، مؤكدين أن «قوات التحالف بقيادة السعودية هي الطرف الوحيد في الصراع الذي لديه القدرة على تشغيل مروحية مسلحة في المنطقة».
وذكر التقرير أن «الهجوم ينتهك القانون الإنساني الدولي ويهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن»، متابعاً أن هجومين آخرين على سفن صيد من مروحية أو سفن بحرية في البحر الأحمر في آذار الماضي أسفرا عن مقتل 11 شخصاً وجرح 8 آخرين.
في سياق متصل، حذّرت قيادة خفر السواحل في المناطق الشرقية في محافظة حضرموت، الواقعة تحت سيطرة قوات هادي، الصيادين من الإبحار خارج المياه الإقليمية «إلى أجل غير مسمّى» حتى «لا تتعامل معهم سفن التحالف كأهداف مشروعة».