في الوقت الذي تمر فيه القدس المحتلة بأيام دامية، والشبان الفلسطينيون يزلزلون بعملياتهم الإستشهادية أركان المجتمع الصهيوني، يسعى البلاط السعودي إلى إختطاف إنجازات وإنتصارات الشبان الفلسطينيين التي تكللت بإزالة الإحتلال الصهيوني لجميع إجراءاته التي فرضها مؤخراً في القدس.

ويأتي إعتبار السعودية لجهودها السياسية بأنها هي التي أدت إلى وقف الحملة والعقبات التي فرضها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي خرجت فيه القضية الفلسطينية من جدول أعمال النظام السعودي منذ فترة طويلة.

في الحقيقة فإن الشبان الفلسطينيين قطعوا الرجاء بأي دعم قد تقدمه الأنظمة العربية لهم، ولا أمل لديهم بهذا الدعم، ويريدون أن يواصلوا طريقهم عبر المقاومة. وإذا كانت الأنظمة العربية قد دعمت فلسطين، فإن دعمها لم يتعد محمود عباس والسلطة الخاضعة له، بهدف الحيلولة دون تنفيذ الفصائل الفلسطينية لعملياتها في الأراضي المحتلة، حيث يمكن وضع التنسيق الأمني لأبي مازن مع الكيان الصهيوني لقمع مقاومة الشعب الفلسطيني في هذا الصدد.

بعد أحداث "الصحوة الإسلامية" في العالم العربي والأزمات الداخلية التي واجهتها هذه الدول، خرجت القضية الفلسطينية رسمياً من جدول أعمال الأنظمة العربية، وحلت محلها مسألة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وإذا كانت الأنظمة العربية في يوم من الأيام ترى في تطبيع العلاقات جريمة، فإن الأمر أصبح عادياً اليوم، وهذه الأنظمة لم تعد ترى في الكيان الصهيوني عدواً لها مثلما كان في السابق، وقد بلغت الأمور حداً بحيث نجد أن وسائل الإعلام التابعة لهذا الكيان تسعى إلى تحويل العدو إلى صديق. وما تصريحات موشيه يعالون وزير الحرب الصهيوني الأسبق في هذا الصدد إلا نقطة ينبغي التفكير والتأمل فيها.

فيقول موشيه يعالون: « إن الأحداث التي وقعت خلال السنوات الماضية في منطقة الشرق الأوسط جعلت من الصراع العربي – الإسرائيلي موضوعاً هامشيا». ويضيف، « إننا نعتبر أنفسنا والعرب، العرب الذين نظموا تحالفاً ضدنا في حرب الأيام الستة، نمتلك وجهة نظر واحدة»...

إن الإدعاءات الكاذبة للنظام السعودي تصبح بارزة للعيان عندما تمر أيام عديدة على الأحداث الدامية في القدس المحتلة وقيام الإحتلال بنصب البوابات الإلكترونية دون أن يصدر النظام السعودي بياناً واحداً ليدين فيه جرائم الإحتلال الصهيوني، في وقت كان فيه مسؤولو النظام السعودي ووسائل إعلامه يتحدثون عن التطبيع والتعايش السلمي مع الكيان الصهيوني ليهيئوا بذلك المجال أمام إقامة علاقات كاملة مع هذا الكيان. كذلك فإن بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تفيد بأن السعودية ترى في الإجراءات الصهيونية ضد الفلسطينيين جزءاً من الحرب على الإرهاب، وهذه التقارير تفضح كذبة دعم المسؤولين السعوديين لمقاومة الشعب الفلسطيني.

وعليه فإن موقف ال سعود حيال القضية الفلسطينية يمكن إعتباره نوعاً من أنواع الخداع للرأي العام، ومحاولة للخروج من حالة العزلة السياسية التي تورط فيها النظام السعودي، وهو يريد أن يقول أنه ما يزال يتزعم العالم العربي، في الوقت الذي نجد فيه النظام السعودي عاجزاً حتى عن حل مشاكله داخل الأسرة الحاكمة، وما خلافات السعودية وثلاث دول عربية أخرى مع قطر إلا مثال على هذا الإدعاء، حيث أن حتى الوساطة الغربية لم تتمكن من وضع نهاية لهذا الملف، كذلك فإن بعض دول مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي تسعى خلال هذه السنوات إلى التمتع بسياسة مستقلة عن السعودية، وهي ليست متفقة مع سياسات الرياض في التعامل مع قضايا المنطقة.

المصدر: تنسيم