بدأت مناطق سيطرة الفصائل المسلحة تشهد الانعكاسات الأولية لاتفاقات «تخفيف التصعيد». فمن انخفاض وتيرة العمل العسكري في الغوطة الشرقية وبدء دخول المساعدات الإغاثية إليها، وحتى انعدام أي نشاط على محاور الجبهة الجنوبية والتفرغ لصيانة البنى التحتية في بعض المناطق كدرعا، يمكن القول إن الاتفاق قد يكمل نحو مراحل متقدمة، قد ترسم مشهداً مختلفاً هناك.
وبينما نصّ «اتفاق الغوطة» صراحة ــ وفق ما نقل ــ على ضرورة إخراج «جبهة النصرة» من منطقة «تخفيف التصعيد» هناك، جرى الحديث عن بند مشابه يتضمن خروج جميع العناصر «الإرهابية» و«غير السورية» من الجنوب.
وفي سياق ما سبق، أفادت مواقع معارضة بأن المنطقة الجنوبية قد تشهد تغييرات على مستوى تنظيم الفصائل خلال المرحلة المقبلة. وقد يتضمن ذلك حلّ «الجبهة الجنوبية» وفق شكلها الحالي، واستبدالها بهيكلية جديدة تجمع الفصائل العاملة ضمنها. التوجه الجديد المفترض أتى بتوجيهات من غرفة «الموك» الأردنية، وفق ما قالت المصادر، التي لفتت إلى أن الهيكلية الجديدة سوف تشمل مناطق درعا والقنيطرة الخاضعة لسيطرة الفصائل. ويمكن قراءة تلك الخطط ضمن الجهود المبذولة لحل معضلة وجود «هيئة تحرير الشام» في الجنوب، في ضوء المفاوضات التي حاولت التوصل إلى اتفاق يحيّد «الهيئة» عن المشهد العام. ومن المحتمل أن تساعد عملية إعادة الهيكلة المطروحة في حل «الهيئة» ضمن الآلية الجديدة عبر انضمام عناصرها إلى تلك التشكيلات، كبديل لخروجهم نحو مناطق خارج نطاق منطقة «تخفيف التصعيد» هناك.
وفي موازاة ما يجري في الجنوب، يبدو المشهد في الغوطة مختلفاً مع تزايد التوتر بين «تحرير الشام» و«فيلق الرحمن»، رغم تحالفات سابقة جمعتهما ضد باقي فصائل الغوطة. ومع بدء المساعدات بالتدفق إلى الغوطة في مناطق سيطرة «جيش الإسلام»، يبدو «فيلق الرحمن» أقرب إلى الانضواء في مسار «تخفيف التصعيد» بما يتطلبه ذلك من جهود لإخراج «الهيئة» بعيداً عن الغوطة. وتندرج المناوشات التي شهدتها مناطق وجود الفصيلين في حمورية وعربين، ضمن أجواء التوتر المتزايد. ومن المحتمل أن يفضي اصطفاف «فيلق الرحمن» إلى جانب «جيش الإسلام» ضد «الهيئة» إلى تغييرات كبيرة في مشهد الغوطة الميداني، إذ إن الأخيرة تشارك بثقل كبير على جبهات عربين وجوبر وعين ترما، التي شهدت اشتباكات مع الجيش السوري خلال الأسابيع الماضية.
أما في الشمال، فتحاول «الهيئة» استغلال مكاسبها خلال النزاع الأخير مع «أحرار الشام» لفرض سلطة أمر واقع مطلقة على كامل مناطق سيطرة الفصائل المسلحة في إدلب وريف حلب الغربي. وفي هذا الإطار، أصدرت «الهيئة» تعميماً موقّعاً باسم قائدها العام هاشم الشيخ، منعت بموجبه تشكيل أيّ فصائل جديدة في مناطق الشمال السوري، الخارجة عن سيطرة الحكومة. وأضاف البيان أن «أي فرد أو مجموعة تنشق عن أيّ فصيل في الساحة، بما فيها (هيئة تحرير الشام)، تخرج من دون سلاح».
وفي تطور لافت بالتوازي مع التطورات الأخيرة في إدلب ومحيطها، نقلت مواقع معارضة أن الجانب التركي أصدر قراراً بمنع إدخال مواد البناء إلى الجانب السوري، عبر معبرها المقابل لباب الهوى. ويعدّ القرار التركي، إن صح، مؤثراً جداً على حركة المعبر وأهميتها بالنسبة إلى الفصائل المسيطرة في ريف إدلب، إذ إن مواد البناء تحتل النسبة الأكبر من المواد الداخلة عبر المعبر