الضغوط على لبنان من قبل دول الخليج مُستمرة. وتتردد معلومات عن رفض الكويت استقبال سفير لبنان الجديد بسبب انتمائه إلى الطائفة الشيعية. وزارة الخارجية استبقت الرفض، من خلال الامتناع عن إرسال أوراق السفير ريّان سعيد

تسعى الدول الخليجية إلى «تطويع» لبنان. تضييق الخناق، لا يقتصر على المقاومة، بل أطلّ هذه المرة من البوابة الدبلوماسية. فقد أبلغت مصادر في وزارة الخارجية «الأخبار» أنّ أوراق اعتماد السفير ريّان سعيد لترؤس بعثة لبنان في الكويت لم تُرسل إلى عاصمة الإمارة الخليجية، رغم أنّ ملفات الدبلوماسيين الذين عينتهم الحكومة الشهر الفائت أُرسلت إلى البلدان التي اختيروا للعمل فيها.

والسبب أنّ «المسؤولين الكويتيين تواصلوا مع الوزير جبران باسيل، وأبلغوه بأنهم لن يقبلوا تعيين سفير من الطائفة الشيعية». دفع هذا الأمر باسيل إلى التريث. «ومنعاً لأي إحراج يُمثله رفض اعتماد دبلوماسي بعد إرسال أوراق اعتماده، قرّرنا الامتناع عن ذلك»، تقول المصادر. حجة الكويتيين هي صدور الحكم بحق «خلية العبدلي»، التي تتهمها السلطات القضائية في الكويت بالارتباط بحزب الله وإيران. وكانت الكويت قد أرسلت إلى «الخارجية» رسالة تعتبر فيها أنّ تصرفات حزب الله تُهدّد أمن الكويت واستقرارها، داعيةَ الحكومة اللبنانية إلى ممارسة مسؤولياتها تجاهه.

خلال المفاوضات التي سبقت تقسيم «كعكة» التشكيلات الدبلوماسية بين رؤساء الأحزاب والتيارات، قيل الكثير عن ضرورة «سحب» البعثة اللبنانية في الإمارات من يد حركة أمل، لأنّ السلطات هناك لن تقبل تعيين سفير من الطائفة الشيعية. أجهزة الدعاية القريبة من التيار الوطني الحر وتيار المستقبل لعبت على هذا الوتر كثيراً، وصولاً إلى حدّ الترويج أنّ السفارة الإماراتية في بيروت أبلغت وزارة الخارجية رفض بلادها تعيين «شيعي» في السفارة في أبو ظبي. وفيما تبّين أنّ ما جرى ترويجه غير صحيح، بقي الاتفاق قائماً بأن يجري التبادل بين حركة أمل التي تأخذ سفارة الكويت، مقابل التخلي عن سفارة أبو ظبي لتيار المستقبل، ليظهر أنّ المعضلة في الكويت لا في أبو ظبي، مع الإشارة إلى أنّه رغم الأزمة الحادة بين الكويت وإيران، لا يزال سفير الأخيرة موجوداً على رأس عمله.
ولكن، مقابل تأكيد مصادر «الخارجية» عدم إرسال أوراق اعتماد سعيد، تؤكد مصادر أخرى مُطلعة على الملف أنّ «الأمر لا يزال في إطار الشائعات التي تتردّد بين الدبلوماسيين». وتجزم المصادر بأن «أحد زملاء سعيد يحرّض عليه، عبر البعث بالرسائل إلى لبنان بأنّ السلطات الكويتية لن تقبل تعيين سفير شيعي، من دون أن يصدر أي موقف رسمي بعد». وماذا إذا حُسم أمر عدم إرسال سعيد إلى الكويت؟ تردّ المصادر بأنّها «ستُستبدَل بها سفارة أخرى في الخليج لمصلحة حركة أمل».
الفضيحة، في ما تقدّم، ليست فقط في أنّ الكويت قرّرت مُسبقاً رفض اعتماد دبلوماسي بسبب طائفته من دون وجود أي ملف مسلكي يُدينه، بل في أن «ينصاع» لبنان للشروط الكويتية، فيوافق على التعامل مع سفرائه من مُنطلق طائفي، لا بوصفهم ممثلين للدولة. من الناحية القانونية، وبحسب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، تقتضي الأصول أن تُرسل طلبات اعتماد كلّ الدبلوماسيين، وإذا ما أتى الرفض، يُبنى على الشيء مقتضاه. فبأي حقّ تمتنع «الخارجية» عن إرسال طلب اعتماد سعيد؟
إضافة إلى سعيد، لم تُرسل أوراق اعتماد عبير طه (بعثة لبنان في كينشاسا) بسبب إرسالها كتاباً إلى وزارة الخارجية ترفض فيه المنصب الجديد، ما يعني إعادتها إلى الإدارة المركزية. أما السفير نويل فتّال، ففضّل تقديم استقالته من السلك الدبلوماسي عوض تعيينه في البعثة في كازاخستان. وتتردد معلومات عن احتمال أن يرفض الفاتيكان تعيين السفير جوني إبراهيم، بسبب ما نُشر عن انتمائه إلى محفل ماسوني، فيما نُقل عنه «أنه استقال من آخر محفل انتمى إليه قبل ٤ سنوات».

المصدر: ليا القزي - الأخبار