في تكرار لسيناريو عام 2012، انسحب عناصر «القاعدة» من مدينة عزان في محافظة شبوة، لتحلّ محلهم قوات «النخبة الشبوانية» المدعومة من الإمارات. وفيما تحدثت أبو ظبي وواشنطن عن «عملية نوعية» أدت إلى ذلك الانسحاب، أكدت المعلومات أن هذا التطور جاء بعد وساطة تولّتها قيادات موالية للسعودية
في ما يبدو أنه جزء من عملية تقاسم نفوذ بين الأجنحة المدعومة من السعودية وتلك الموالية للإمارات في جنوب اليمن، دخلت قوات «النخبة الشبوانية»، التي أنشأتها أبو ظبي ودربتها في مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت، إلى مدينة عزان ثاني أكبر مدن محافظة شبوة، بعد انسحاب عناصر «القاعدة» منها. وكانت تلك القوات قد بدأت أول من أمس تقدمها في المحافظة التي ستتولى مهمة تأمين المنشآت الحيوية فيها، بما في ذلك منشأة بلحاف لإنتاج الغاز المسال.
ولم يكد عناصر «النخبة» يخترقون، الخميس، أولى محطات خطّ سيرهم، حتى استهدفهم مسلحو «القاعدة» بسيارة مفخخة، ما أدى إلى مقتل 7 جنود وإصابة 8 آخرين. افتتاح دمويّ سرعان ما تبدّل في اليوم الثاني من عملية الانتشار، حيث أفيد عن انسحاب عناصر «القاعدة» من عزان من دون قتال. وجاءت أنباء هذا الانسحاب لتدحض حديث أبو ظبي، ومن ورائها واشنطن، عن «عملية نوعية» ضد التنظيم. وبعدما بادرت وكالة أنباء الإمارات الرسمية إلى الإعلان عن تلك العملية المفترضة، تبعتها في ذلك سفارة الإمارات في واشنطن، والتي قالت لوكالة «فرانس برس» إن «العملية تدعمها قوة تجمع بين الإمارات والولايات المتحدة».
وذكر المتحدث باسم البنتاغون، جيف ديفيس، بدوره، أن قوات خاصة أميركية تساعد الإماراتيين والقوات المحلية في عملياتهم ضد «القاعدة» في شبوة، لافتاً إلى أن الهدف هو «تدمير قدرة القاعدة على شنّ عمليات إرهابية». وأوضح أن «مساعداتنا في المكان استمرار لما نقوم به منذ كانون الثاني»، مضيفاً أن «هذا يتضمن عدداً قليلاً جداً من القوات الأميركية على الأرض، وهم هناك خصوصاً من أجل المساعدة في تدفّق المعلومات». لكنّ الادعاءات الأميركية والإماراتية لا تدعمها المعلومات الواردة من شبوة، والتي تفيد بأن انسحاب عناصر «القاعدة» جاء بعد اتصالات أجرتها قيادات عسكرية موالية للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي بقيادات التنظيم، التي وُعدت بـ«الأمان» مقابل إخلاء المحافظة والاتجاه نحو محافظتي مأرب والجوف، في مؤشر إضافي إلى وجود اتفاق بين حكومة هادي وأبو ظبي. ويأتي انتشار قوات «النخبة» في شبوة بعد أيام على دخول قوات من «اللواء الأول ــ دعم وإسناد»، المدعوم من الإمارات، إلى محافظة أبين، للقيام بمهمات «تأمين الخط الساحلي في شقرة من تسلل عناصر تنظيم القاعدة»، كما يأتي بعد أيام، أيضاً، على بدء خروج الألوية الموالية لهادي من مدينة عدن، بموجب اتفاق تم التوصل إليه قبل شهر بين قيادة القوات الإماراتية في تحالف العدوان وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة التابعة لهادي. وتبدو تلك التحركات ترجمة لمقايضة يتم السماح بموجبها لحكومة أحمد عبيد بن دغر بممارسة نشاطها في «المحافظات المحررة»، مقابل وقف «مناكفتها» للألوية والميليشيات المحسوبة على أبو ظبي. مقايضة لم تبدُ زيارة بن دغر، قبل أيام، إلى محافظة أبين، إلا جزءاً من تطبيقاتها.
وفي هذا السياق، كان لافتاً ما نشرته وسائل إعلام إماراتية شبه رسمية عن قيام السعودية بـ«إذابة التباينات بين الحكومة اليمنية والإمارات». وبحسب التقارير التي نشرتها، فإن لقاءات مكثّفة عُقدت في تموز الماضي، بين قيادة القوات الإماراتية في عدن وحكومة بن دغر، أدّت إلى «تقريب وجهات النظر المختلفة»، وانعكست في «ارتفاع وتيرة الأداء الحكومي بشكل ملحوظ في عدن وبعض المحافظات المجاورة». وتوقعت التقارير المذكورة أن يثمر ذلك التقارب مزيداً من الاتفاقيات التي «سيتم توقيعها في الأيام المقبلة»، وأن «يسهم في إيجاد رؤية موحدة لمستقبل العمليات في الساحل الغربي».
شمالاً، وفي جريمة جديدة تُضاف إلى سجل تحالف العدوان على اليمن، ارتكبت مقاتلات التحالف، صباح أمس، مجزرة في منطقة محضة في مديرية الصفراء في محافظة صعدة، إذ أغارت على منزل أحد المواطنين في المنطقة، ما أدى إلى مقتل 9 مدنيين من أسرة واحدة، معظمهم أطفال، وجرح 3 آخرين. وفي تعليقه على تلك المجزرة، أهاب الناطق باسم حركة «أنصار الله»، محمد عبد السلام، بـ«أبطال الجيش واللجان الشعبية أن يرفعوا من وتيرة عملياتهم العسكرية، ويضربوا أينما وجدوا هدفاً يزلزل تحالف العدوان الغاشم والجبان».