ملاحقة حمساوية لمطلوبين سلفيين «خطيرين»


غزة | لا تكاد تصمد حالة الهدنة طويلاً في قطاع غزة، حتى تعود إلى التدهور. هذا السيناريو يتكرر عقب إطلاق صواريخ من القطاع على الأراضي المحتلة، تُعزى في مجملها إلى جهات/ عناصر سلفيين، وسرعان ما يعقبها ــ غالباً في الليلة نفسها ــ قصف إسرائيلي عنيف يستهدف مواقع تدريب تابعة لفصائل المقاومة تنجم عنه أضرار مادية وإصابات غالباً.

وفجر أمس، شنّت الطائرات الإسرائيلية غارتين، الأولى بأربعة صواريخ شمال قطاع غزة، والثانية بصاروخين شمال بلدة بيت لاهيا، بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي سقوط صاروخ في منطقة مفتوحة جنوبي مدينة عسقلان المحتلة من دون وقوع إصابات. وفي كل مرة يدور الحديث عن استغلال العدو «الصواريخ العشوائية» لقصف تجهيزات للمقاومة، كالأنفاق ومخازن يظن أن فيها أسلحة، فضلاً عن مواقع تدريب.
يشار إلى أن ثمة حالة إجماع لدى الفصائل على التزام التهدئة مع الاحتلال، التي يرعاها الجانب المصري منذ نحو 3 سنوات، وهو ما يحصر الاتهام في السلفيين، ثم يتبيّن عند اعتقال بعضهم أنهم وراءها. كذلك فإن حركة «حماس» تسيّر دوريات تسمى «الضبط الميداني» على الحدود لمنع إطلاق هذه الصواريخ، فيما كانت قد تلقّت أخيراً تعليمات بالاستهداف المباشر لمطلقي الصواريخ في حال لم تتمكن من اعتقالهم.
واللافت أن جهاز «الأمن الداخلي» كان قد نشر قبل أسابيع صوراً لأربعة مطلوبين من عناصر مرتبطين بـ«السلفية الجهادية»، أبرزهم محمود طالب ومحمد مقداد من مخيم الشاطئ، وطلعت أبو جزر من خانيونس، ونور عيسى. ومثّل هذا الإعلان مرحلة جديدة من التصعيد في العلاقة بين «حماس» والسلفيين، وجاء في سياق مرحلة من التصالح بين الحركة والقاهرة التي تخوض بدورها حرباً ضد «داعش».
وتفيد مصادر أمنية، في حديث إلى «الأخبار»، بأن مطلقي الصواريخ في المدة الأخيرة «غالبيتهم أفراد ينتمون إلى السلفية الجهادية، وهم عناصر يرتبطون بقراراتهم مع أحد المطلوبين»، في إشارة إلى محمود طالب، الذي يتصدر الشخصيات القيادية للسلفيين في غزة.
وخلال حملات اعتقال سابقة، حوكم إثرها عسكرياً عدد من المعتقلين، أشير إلى اسم طالب في محاضر تحقيق مختلفة، كلها كانت تذكر أنه المسؤول المباشر عن عدد كبير من عمليات إطلاق الصواريخ.
أيضاً، تذكر تلك المصادر أن طالب تعرض سابقاً لإصابة على أيدي عناصر من جهاز «الأمن الوقائي» خلال مرحلة الانقسام بين «حماس» و«فتح» عامي 2006 و2007، قبل أن يبايع تنظيم «القاعدة»، ثم تحوّل مع عدد من رفاقه إلى مناصرة «داعش». وتضيف المصادر نفسها أنها أحبطت «محاولة لإشعال حرب على غزة قبيل اغتيال القيادي في كتائب القسام مازن فقها (في آذار الماضي)». وكانت خطة السلفيين تقضي بتتبّع «مرابض الصواريخ» الخاصة بالمقاومة، ولا سيما البعيدة المدى، لاختيار «اللحظة الصفر» لإطلاق أكبر عدد من الصواريخ، بما يؤدي إلى ردّ فعل قوي يقود نحو حرب.
وكانت تحقيقات سابقة قد كشفت (راجع العدد ٣٠٥٦ في ١٣ كانون الأول ٢٠١٦) أنه إلى جانب إطلاق الصواريخ، أقرّ عناصر سلفيون بنيّتهم «استهداف المدنيين وشخصيات أمنية وأماكن عامة لفتح حرب استنزاف». لكن مصادر أخرى في «حماس» تروي أن التحقيقات الأخيرة أظهرت «تورط جهاز المخابرات في رام الله ووقوفه خلف بعض هذه المجموعات، ومنها من يقف خلفها طالب، إلى جانب تنسيقه مع شخصيات تقيم في العريش».
وبصورة عامة، تدرك المقاومة أن حربها مع «داعش» مرتبطة بالمواجهة مع العدو الإسرائيلي، إذ تبيّن في كل مراحل المواجهة السابقة وجود ارتباط بين من يدير هؤلاء الأفراد وأجهزة استخبارات عربية وأجنبية إلى جانب «الشاباك». وتكرر ذلك بعد اعتراف قاتل الشهيد فقها ــ كان محسوباً على السلفيين ــ بأن من جنّده شخص كويتي الجنسية (أ. ك.) قبل أن يتبيّن له أنه مجنّد إسرائيلياً. ووفق المصادر الأمنية، فإن آخرين يجري البحث عنهم توجد شبهات قوية في ارتباطهم بمشغّلين خارجيين.

المصدر: هاني إبراهيم - الأخبار