بعد مرور قرابة 3 سنوات على اندلاع العدوان السعودي على اليمن، واستشهاد أكثر من 6 آلاف شهيد بينهم 1277 طفلاً و1041 امرأة وسقوط عشرات الآلاف من الجرحى منذ بداية العدوان السعودي، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في تصريحات له بالقاهرة إن الحرب في اليمن شارفت على النهاية بعد تحقيق أهدافها المتمثلة في استعادة الشرعية، هذا الإعلان سبقه إعلان آخر أتى على لسان وزير خارجية السعودية عادل الجبير الذي قال إن الصراع في اليمن يدخل مرحلة أخيرة. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية خرجت تصاريح أخرى على لسان الأمير الشاب وبعض من وزرائه عن قرب نهاية الحرب في اليمن إلا أن الوضع لم يتغير حيث لا تزال طائرات العدوان السعودي تقصف الأبرياء إضافة إلى أنه يجري الحديث عن خطط لعمليات عسكرية جديدة في كل المحافظات اليمنية. فما هو مغزى تصريحات ولي العهد السعودي بشأن اليمن من القاهرة، وما هي الأهداف التي حققها التحالف العربي المزعوم الذي بات يعاني من كارثة إنسانية وفوضى أمنية؟

وعود السعودية بقرب انتهاء الحرب في اليمن

إذاً كما ذكرنا في المقدمة إنه خلال الثلاث سنوات الماضية من الحرب السعودية على اليمن ومع اقتراب كل ذكرى سنوية للحرب تكثر التصاريح الإعلامية للقادة السعوديين عن قرب انتهاء الحرب إلا أن الحرب مستمرة والأبرياء يقتلون كل يوم بفعل صواريخ الطائرات السعودية، ويمكننا ربط تصريح ابن سلمان الأخير بهذه التصاريح السابقة التي لا قيمة لها، ومنها:

في 29 أكتوبر 2015 توقّع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني في العاصمة السعودية الرياض أن تنتهي الحرب التي يخوضها التحالف بقيادة السعودية ضدّ ما أسماه "مسلحون متحالفون مع إيران" في اليمن منذ سبعة أشهر قريباً.

في 3 أبريل 2016 أكد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أن الحرب في اليمن باتت قريبة من نهايتها، كاشفاً عن أن وفداً يمثل الحوثيين يجري مفاوضات في مدينة سعودية حدودية مع اليمن.

في 19 آذار2017 قال وزير الخارجية السعودي على هامش مؤتمر ميونخ للأمن أن الحرب اليمنية ستنتهي لتبدأ مرحلة إعادة الإعمار، لما خلفته الحرب في مختلف المحافظات اليمنية، مشيراً إلى أن السعودية ترغب في تسوية سياسية.

في 16 أغسطس 2017 انتشرت تسريبات لـ (ابن سلمان) عن قرب انتهاء الحرب على اليمن قائلاً إن دائرة الحسم العسكري باتت تضيق يوماً بعد يوم وباتت التسوية السياسية مرجحة أكثر على الاستمرار في الغرق في المستنقع اليمني.

في 7 مارس 2018 قال ضابط المخابرات السعودي أنور عشقي في تغريدة له على “توتير” إن الحرب في اليمن ستنتهي هذا العام.

أهداف ابن سلمان من التصريح اليمني

بعد الحديث السعودي في القاهرة عن اليمن، وتقدير موقف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بقرب نهاية الحرب السعودية على اليمن وتأكيده أن الأهداف هناك أوشكت أن تتحقق، دفع المتأمل في الشأن اليمني اليوم بفوضاه الأمنية المستفحلة وأزماته الإنسانية التي تلامس الكارثة الإنسانية إلى التساؤل حول الأهداف التي يراد إقناعه بأنها تحققت، فإذا كان المقصود تحجيم خطر الجيش اليمني وأنصار الله الذين وصفهم الأمير ابن سلمان بـ "فلول المتمردين" فإن صواريخهم صارت تطاول العمق السعودي، أما الشرعية التي سلبوها فكيف تسترد وقادتها ليسوا بطليقي الحركة لدى الحلفاء كما يوصف، ثم إنهم وممثليهم على الأرض يحاربون من الإمارات، ثاني أهم أقطاب التحالف العربي، وميلشيات تدعمها حتى في المدن اليمنية الموصوفة بالمحررة. لا يبدو أيضاً لليمنيين حديث عن انتهاء الحرب منطقياً حيث إن المعارك لا تزال تستعر على أكثر من جبهة بينما غارات التحالف لم تتوقف مع أنها لا تحقق الحسم من السماء.

إنها ورطة كما توصف، بدا ولي العهد السعودي بتصريحاته من القاهرة كباحث عن مخرج منها، وبدت رسائله موجهة إلى محطاته المقبلة في أولى جولاته الخارجية. فإلى العواصم الخارجية سيسبق الأمير سجل بلده الحقوقي الداخلي، ولكن أيضاً أدواره في اليمن التي جعلت الرجل مجرم حرب بنظر ناشطين وحقوقيين حيث يدعون إلى وقف الحروب وبوقف إمداد الرياض بالسلاح وينبهون إلى أنها بلغت مستوىً غير مسبوق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وفي هذا السياق يريد زعيم حزب العمال البريطاني جريمي كوربن من رئيسة الوزراء تيريزا ماي أن تنتهز زيارة ولي العهد السعودي لتعلن وقف تصدير الأسلحة إلى بلده ولتعلن أيضاً معارضة لندن الصريحة لانتهاكات حقوق الإنسان والحقوق المدنية في السعودية.

إذاً أصبح الهدف من إطلاق هكذا تصريحات واضحاً للقارئ العربي والعالمي إلا أنه يصعب على بضع كلمات مطمئنة من الأمير بن سلمان أن تمتص كل هذا الغضب الذي تنتقل عدواه بين لندن وباريس وواشنطن حيث هناك مساع حثيثة لإصدار تشريع من قبل الكونغريس الأمريكي يوقف دعم التحالف العربي في حربه في اليمن بعد إشارات من كبار القادة العسكريين إلى أن تدخل التحالف العربي في اليمن استفادت منه إيران وزاد الأمور أكثر سوءاً.

المصدر: موقع الوقت