السعوديون يحاولون استخدام لبنة لسحق سندان. سوف يدمرون أنفسهم، لا اليمن.

هكذا وصف أحد أبرز شيوخ القبائل اليمنية حرب السعودية في اليمن. وقال المحلل الأمريكي مايكل هورتون في تقريرهبموقع «ذي أمريكان كونسيرفاتيف» إنه مع ذلك ستدخل الحرب عامها الرابع هذا الشهر. رغم ما قد قاله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بأن الأمر سيستغرق أسابيع أو ربما بضعة أشهر. وكان الهدف من الحملة التي أطلق عليها اسم عملية «عاصفة الحزم» إظهار القوة العسكرية السعودية من خلال هزيمة المتمردين الحوثيين بسرعة – الذين يتمتعون بدعم إيراني محدود – وإعادة تثبيت الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

وأوضح الكاتب أن الحرب، التي يشار إليها عادة في المملكة العربية السعودية بأنها حرب محمد بن سلمان، كانت تهدف إلى إبراز الأمير الطموح على الصعيدين الوطني والدولي. وكان من المفترض أيضًا أن تكبح ما تعتبره السعودية نفوذًا إيرانيًا متزايدًا في المنطقة.

ماذا فعلت عاصفة الحزم بالسعودية؟

بدلًا من ذلك، يظهر الجيش السعودي الممول والمجهز بسخاء كنمر ورقي غير قادر على الدفاع عن الحدود الجنوبية للمملكة من متمردين يرتدون الصنادل، ويحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة. وبدلًا من كبح النفوذ الإيراني، فإن الحرب قد تجبر الحوثيين الذين كانت علاقتهم مع إيران محدودة حتى الآن، على تعزيز علاقاتهم مع طهران.

والأهم من ذلك، أن الحرب أدت إلى ما يمكن أن يوصف بأنه تمزيق دائم لليمن. الموقع الاستراتيجي لهذا البلد على طول باب المندب، عبر القرن الأفريقي مباشرة، والحدود الطويلة مع المملكة العربية السعودية يعني أن عدم الاستقرار في اليمن سيكون من الصعب احتواؤه، إن لم يكن مستحيلًا.

ويلفت الكاتب إلى أن الكثير من العواقب غير المقصودة وغير المتوقعة أصبحت أمرًا واقعًا على طول الحدود السعودية اليمنية. إذ لم يتمكن الجيش السعودي حتى الآن من تأمين تلك الحدود. نُشرت لقطات من الهجمات الحوثية الانتقامية على المواقع الحدودية السعودية والمنشآت العسكرية الأخرى داخل محافظات نجران وجيزان وعسير السعودية على موقع يوتيوب وغيرها من المواقع.

تعرض العديد من هذه المقاطع فرار القوات السعودية من أمام حفنة حوثيين يحملون أسلحة آر بي جي وكلاشينكوف، رغم أنها مجهزة دبابات إم1 أبرامز وناقلات الجنود المدرعة. ويقول الكاتب إن المناطق السعودية الجنوبية موطن لأقليات دينية مضطهدة ومقموعة غالبًا ما تشمل الزيديين والإسماعيليين وكلاهما طوائف شيعية تختلف عن الطائفة الغالبة في إيران.

وبسبب ضعف سيطرة الحكومة السعودية على أجزاء من هذه المحافظات، أصبحت هذه المناطق مهيأة للثورة إذا حدث أي ضعف داخل عائلة آل سعود. وسيسرع الآلاف من اليمنيين الذين فقدوا سبل عيشهم وأحباءهم الذين دمرتهم القنابل السعودية في مساعدة مثل هذه الثورة.

بدلًا من الاعتماد على جيشها المدرب وغير الفعال، استخدمت المملكة العربية السعودية قوتها الجوية في اليمن. وقد دمرت الحملة التي تقودها السعودية (التي تعتمد على قدرات التزود بالوقود في الجو من الولايات المتحدة) البنية التحتية لليمن، واستهدفت ودمرت الكثير من الأراضي الزراعية المنتجة، وقتلت مئات المدنيين. ونتيجة للحرب الجوية والعقوبات، تواجه اليمن الآن أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويحتاج أكثر من 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 26 مليونًا مساعدات عاجلة، وصور وأشرطة الفيديو للأطفال الذين يعانون من الجوع والبالغين الضعفاء دليل واضح على ذلك.

في جنوب اليمن، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تدعم عدة ميليشيات – بدءًا من الانفصاليين الجنوبيين إلى الجماعات السلفية المسلحة التي لا يمكن تمييزها عن القاعدة – تتنافس مع بعضها البعض لتأمين النفوذ والحصول على الأسلحة والمواد التي يوفرها داعموها.

يذكر أن عدن، التي تعتبر العاصمة الفعلية لحكومة اليمن المنفية، تعد مسرحًا لعمليات الاغتيال والتفجيرات اليومية تقريبًا. وشن انتحاريان من تنظيم الدولة الإسلامية الهجوم الأخير في 24 فبراير (شباط) وقتلا 14 شخصًا. معظم الاغتيالات التي استهدفت رجال الدين، وأفراد الأمن، والنخب القبلية، لم يعلَن عن منفذيها.

لا يوجد تقريبًا أي مكان في الجنوب آمن ضد هذه الأنواع من الهجمات. فقط في الشمال، حيث الحوثيون متحالفون مع الحزب الحاكم السابق في اليمن (حزب المؤتمر الشعبي العام) حيث توجد بعض مظاهر الأمن. ولكن الحوثيين يحكمون بقبضة حديدية. فقد استُهدف الصحافيون وأعدم العديد من مؤيدي صالح في أعقاب اغتيال الحوثيين للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

ويشير الكاتب إلى أن الكثيرين في شمال اليمن لا يزالون يحترمون الحوثيين على قدرتهم المستمرة على تحدي السعودية والإمارات، إذ ينظُر إليهما اليمنيون في الشمال والجنوب على أنهم مستعمِرون بشكل متزايد. ويخشى اليمنيون الذين يعيشون في الشمال أيضًا من الفوضى والعنف الذي يمكن أن يُغرق بلدهم إذا هُزم الحوثيون. وكان الحوثيون وبعض قوات الجيش اليمني المتحالفون معهم بمثابة حصن فعال ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية.

قبل بدء عملية عاصفة الحزم، أدى هجوم بقيادة الحوثيين ضد القاعدة إلى إضعاف المنظمة في عدد من معاقلها التقليدية. أما الآن، فتتجدد القاعدة في أنحاء كثيرة من جنوب اليمن حيث ينشط عناصرها بشكل علني وسري مع العديد من القوات المناهضة للحوثيين.

ومن أجل مكافحة تجدد القاعدة، أطلقت الإمارات وقواتها (التي تعمل بالوكالة) حملة جديدة سميت باسم عملية السيف الحاسم. ونظرًا لتفاقم الأزمات الإنسانية والفصائل المتزايدة في اليمن، فإن عملية السيف الحاسم لن تكون حاسمة أكثر من عملية عاصفة الحزم. ما قد يكون حاسمًا هو هزيمة الطموحات السعودية والإماراتية في اليمن.

وتشير التقديرات إلى أن الحرب في اليمن تكلف السعودية 5 إلى 6 مليارات دولار شهريًا. ويأتي ذلك في الوقت الذي تكافح فيه المملكة بالفعل من أجل الحفاظ على برامج الرعاية الاجتماعية السخية التي تعد حاسمة لاستمرار سيطرة عائلة آل سعود على السلطة. كما تنفق دولة الإمارات العربية المتحدة المليارات في اليمن، معظمها على عملائها العسكريين الذين يساعدون في حربها.

في حالة دولة الإمارات العربية المتحدة – يرى الكاتب – أن الحكومة الإماراتية تنظر إلى المليارات التي تنفقها كاستثمار من شأنها أن تسمح لها بترسيخ نفوذ دائم في اليمن. دولة الإمارات العربية المتحدة، ربما تدرك أكثر من المملكة العربية السعودية، قيمة ما تملكه اليمن. فالمحافظات التي تنشط فيها دولة الإمارات العربية المتحدة ووكلاؤها هي المناطق الأكثر ثراء بالموارد الطبيعية.

كيف يرى يمنيو الجنوب الإمارات؟

ويرى الكاتب أن انقلاب الميليشيات المدعومة من دولة الإمارات على داعميها مسألة وقت. فالحديث المتداول في جنوب اليمن يعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة قوة استعمارية جديدة تهدف إلى نهب البلد. وقد أنشأت الإمارات بالفعل قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية (أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو). كما أقامت قواعد دائمة على جزيرة ميموناليمنية في البحر الأحمر.

ونُشرت صور بمواقع التواصل الاجتماعي للعروض العسكرية للإمارات في سقطرى، ولقاعدة ميمون، ومؤخرًا، نُشرت صورة لعشرات أشجار الدم التي نُزعت من جزيرة سقطرى. ومما لا شك فيه أن الأشجار ستصبح جزءًا من المناظر الطبيعية لقصر في مكان ما بالخليج. هذه الأنواع من الصور، بجانب الانتهاكات التي ترتكبها دولة الإمارات العربية المتحدة ووكلاؤها، سوف تنتج في وقت ما رد فعل عنيفًا.

شجرة الدم.

يجب على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة دراسة الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان. وفي كلتا الدولتين، رغم وجود أفضل جيش تدريبًا وتجهيزًا في العالم، فشلت الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها. في حالة العراق، انتهت استراتيجية الولايات المتحدة المعيبة للغاية بتمكين إيران من تحويل معظم العراق إلى تبعيتها. وفي أفغانستان، أدت الحرب إلى مصرع حوالي 2300 جندي أمريكي وعشرات الآلاف من الأفغان. كما أنها كلفت الولايات المتحدة أكثر من تريليون دولار. ورغم ما بُذل من مال وأرواح، تنشط حركة طالبان في 70% من مقاطعات أفغانستان، أي تسير على الطريق الصحيح لتصبح القوة الأبرز مرة أخرى.

يمكن للولايات المتحدة أن تمتص هذه الخسائر بسبب حجم اقتصادها، وقوة جيشها، والرضا عن الكثير من سكانها. وستجد دول مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة صعوبة أكبر في مواصلة الجهود الحربية التي لا تسفر عن نتائج. وبسبب قربها من اليمن، فإن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أكثر عرضة لتجربة خطيرة ورد فعل مباشر على الحرب التي جعلت عشرات الآلاف من اليمنيين المسلحين جيدًا، أعداءهم.

اليمن هو سندان ضد عدد من الغزاة الذين دخلوها ليتركوا دماء وهزموا. من الرومان في عام 25 قبل الميلاد إلى المصريين في عام 1960، قاوم اليمن الغزاة. إن حكومتي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة يجب أن يدركا جيدًا أن مغامرتهما أكثر عرضة للانهيار من اليمنيين الذين تحدوا المحتلين والجيوش الغازية قرونًا.

كما يقول المذيع اليمني النبيل دائمًا – بحسب الكاتب – هيكل بافنع: الأكاديميون والمحللون والصحفيون يحتارون دائمًا من دوامة الفوضى التي باليمن. ومن الحكمة إدراك أن اللغز اليمني الذي يبدو دائمًا عصيًا على الفهم، هو نفسه (تعريف) النموذج اليمني.

ويختتم الكاتب المقال قائلًا إن الغرباء قد لا يفهمون اليمن ولكن اليمنيين يفهمون الوضع بالتأكيد وهم من سينهون الصراع ويبدؤون في إعادة بناء بلدهم في الوقت المناسب. وكلما طالت مدة تدخل القوى الخارجية (السعودية والإمارات العربية المتحدة)، سيزداد الخطر عليها أكثر.

المصدر: وكالات