يتعامل فريق 8 آذار السياسي بـ«جدّية عالية» مع مطلب تخصيص حقيبة وزارية لأحد النواب «السنّة»، من خارج حصّة تيار المستقبل. تلبية هذا «الحقّ»، شرطٌ أساسي. وإلا، فالحكومة لن تُبصر النور. وبعد اجتياز هذه «العقبة» أولاً، يُحسم اسم الوزير المُختار

 

خلال الاجتماع الذي عقد قبل نهاية شهر أيار المنصرم، بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، جرى التأكيد على اعتماد النسبية الوزارية ترجمة للنسبية النيابية، بما في ذلك «حقّ» النواب المُنتمين إلى الطائفة السنّية، من خارج حصّة تيار المستقبل، بنيل مقعد في الحكومة المقبلة. 

هذا الأمر محسوم وغير قابل للنقاش عند فريق 8 آذار، حتّى ولو أدّى ذلك إلى تأخّر إعلان التشكيلة الحكومية. لن تكون «الحقيبة السنّية» العقبة الوحيدة أمام عرقلة إنجاز الحكومة، إلا أنّها واحدة من الألغام التي قد تُعطّل مهمّة رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري. لا سيّما في حال بقي «مُستبعِداً» لفكرة توزير شخصية «سنّية» مُقرّبة من فريق 8 آذار، أو من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. لا يُريد رئيس تيار المستقبل أن «يعترف» بالواقع التمثيلي لقوى سياسية أخرى، منحتها نتائج الانتخابات النيابية، شرعيّة شعبيّة.
هذا الإنكار أعاد الحريري التأكيد عليه، أمس، خلال اجتماعه برئيس الجمهورية ميشال عون. وفق معلومات «الأخبار»، أن الحريري رفض أن يعطي سنياً أبعد من المقايضة بينه وبين عون (سني لرئيس الجمهورية وماروني لرئيس الحكومة)، وأبلغه رفضه المطلق لتوزير أي نائب سني ينتمي إلى فريق 8 آذار، سواء أكان ينتمي إلى كتلة النائب سليمان فرنجية أو إلى كتلة الرئيس نجيب ميقاتي أو من المستقلين (نموذج أسامة سعد وعبد الرحيم مراد أو عدنان طرابلسي). 
واللافت للانتباه أن رئيس الجمهورية كان حريصاً خلال لقاء الأمس، على إبلاغ رئيس الحكومة أن الشخصية السنية التي سيوزرها ستكون محسوبة 100 في المئة على «كتلة لبنان القوي» وليس فريق 8 آذار!
إصرار فريق 8 آذار على «مقعد سنّي» من خارج حصّة رئيس الحكومة، يرتبط في شكل أساسي بمبدأ «عدم وجود رغبة في عزل أو إقصاء أي فريق. وهذا المعيار، كما نُريده أن يُطبّق على القوات اللبنانية وطلال ارسلان والحزب السوري القومي الاجتماعي... يجب أن ينسحب أيضاً على بقيّة القوى». تقول مصادر في «8 آذار» ذلك، للتأكيد على أنّ المقترعين اللبنانيين، اختاروا 10 نواب من الطائفة السنية لا ينتمون إلى تيار المستقبل. وهؤلاء، «مهما اختلفت حيثيات وخلفيات كلّ منهم السياسية»، لا يُلغي واقع أنّ التيار الأزرق لم يعد يحتكر التمثيل داخل طائفته. انطلاقاً من هنا، «بدّن يتمثّلوا (النواب الـ10) ما في مجال»، تؤكد المصادر. إلا أنّها توضح، بأنّ «هذا المطلب - الحقّ، الذي يتمسّك به فريق 8 آذار، ليس العقبة الوحيدة أمام إنجاز التشكيلة الحكومية، والتي قد تُفجّرها». فالحريري يواجه «مُعضلات» أخرى، ستؤدّي تلقائياً «إلى تأخّر البحث الجدّي في شكل الحكومة إلى ما بعد عطلة عيد الفطر». أبرز هذه العُقد، الخلاف حول الحُصص بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، والتمثيل «الدرزي» بين وليد جنبلاط وطلال إرسلان، وتلبية مطالب قوى أخرى». لم يعد الحريري من زيارته الأخيرة إلى الرياض «بأي انطباع، سلبي أو إيجابي، له علاقة بالحكومة»، بحسب المصادر. 
على رغم تأكيدات الحريري المتتالية، لا تعتقد مصادر «8 آذار» أنّ الرئيس المُكلّف قد يُغامر بافتعال أزمة برفضه توزير واحد من النواب العشرة، «فلا أحد يرغب في أن يضع العراقيل لنفسه. لا يستطيع الحريري أن يُغيّب القوى الأخرى، أو يتغاضى عن نتيجة الانتخابات. مبدأ الإلغاء مرفوض، ويجب أن يتمثل من يملك حيثية ما».

النقطة الوحيدة المحسومة هي ضرورة تخصيص حقيبة من الطائفة السنّية، لشخصية من خارج تيار المستقبل. أما الأسماء، «فتفاصيل. ما يهمّنا هو تثبيت المبدأ، وبعدها إذا كان الوزير مُسمّى من قِبَل نجيب ميقاتي أو التكتّل الوطني أو عبد الرحيم مراد... فلا فرق». تبرز هنا «إشكاليّة» أخرى. فكلّ النواب الـ10 من الطائفة السنّية، باستثناء أسامة سعد وجهاد الصمد، عادوا بعد الانتخابات النيابية لينضووا تحت جناحَي الحريري. تلقّفوا «كلمة السرّ» السعودية، مُسمّين غريمهم السياسي إلى رئاسة الحكومة، للمرّة الثالثة. ظنّوا أنّهم بذلك «يحفظون رؤوسهم»، تمهيداً لضمان حصّة وزارية لكلّ منهم. فهل يجوز اعتبار النواب الثمانية «المؤيدين» لخيار الحريري في رئاسة الحكومة، مُعارضين له في الوقت نفسه، ويُسمّى واحدٌ منهم لتولّي حقيبة؟ إذا كان الهدف فعلاً تسمية شخصية مُعارضة لتيار المستقبل، ألا يكون أسامة سعد وجهاد الصمد أحقّ بذلك من غيرهما؟ 
تردّ مصادر «8 آذار» بالقول إنّ ذلك «صحيح، ولكن لو توحّد النواب العشرة لكان بإمكانهم فرض الوزير الذي يُريدون». إضافةً إلى أنّ الأساس «ليس الاسم ولكن مبدأ توزير أحدهم». وبما أنّ الحريري «لن يبلع» إعطاء حقيبة إلى ميقاتي، ويرفض مبدأ مُشاركة عبد الرحيم مراد، ولا يُريد الاعتراف بالنواب «السنّة» الخارجين من تحت جناحيه سياسياً، وفي غياب أي رغبة لأسامة سعد في الحصول على حقيبة (وأصلاً لن يوافق الحريري على ذلك)، يبقى «الأقرب إلى المنطق، فيصل كرامي»، بحسب أحد قياديي 8 آذار. فيما يستشهد آخر بكلام القيادي في تيار المستقبل النائب السابق ​مصطفى علوش​ بأن التعددية ضمن الطائفة السنية نعمة، للقول إن سعد والصمد «كانا الأكثر إنسجاماً بعدم تسميتهما الحريري لرئاسة الحكومة، وفي ذلك يستكملان ردهما على محاولة شطبهما وعدم الاعتراف بهما في هذه الساحة».

المصدر: ليا القزي – الاخبار