تعدّ الكوارث الطبيعية التي ضربت أخيراً عدداً من البلدان من اكثر الاحداث التي استقطبت اهتمام الناس حول العالم، وآخرها زلزال المكسيك الذي أدى الى مقتل العشرات.
في هذا السياق، تحدثت "النهار" الى الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة الباحث والأستاذ في الجيوفيزياء وعلم الزلازل الدكتور عطا الياس اللذين سلطا الضوء على موقع لبنان في الفوالق الزلزالية، فهل لبنان محصن راهناً من الهزات والزلازل؟
"نعم، نحن معرّضون لزلازل لأنّ موقع لبنان الجيولوجي يقع على خريطة الفوالق الزلزالية أو ما يعرف لدى البعض بحدود الصفائح"، هكذا بدأ الياس حديثه لـ "النهار". وشرح أنّ ما ذكره آنفاً يعني أنّ الأرض مكوّنة من قطع تتكامل مثل مكعبات لعبة "البازل"، مشيراً إلى "أنّ هذه القطع المعروفة بصفائح تكتونية تتحرك بفعل الطاقة الداخلية لكوكب الأرض، ما يؤدي إلى وقوع زلزال بين هذه الصفائح". بعد شرحه هذا، أعلن أنّ لبنان سيكون معرضاً للزلازل لأنه يقع على حدود بين صفيحتين، مشيراً إلى أنّ هذا الموقع يجعل نسبة تعرّضه للهزّات الأرضية عالية جداً.
ضرب العاصمة وضواحيها
لفت الياس إلى أنّ لبنان معرّض لزلزال أقوى من الهزة الأرضية التي ضربته عام 1956. وقال: "لا أحد يمكن أن يحدد تاريخ وقوع هذا الزلزال". ورداً على سؤال عن إمكان تحديد المناطق التي توجد فيها الفوالق الزلزالية، أكد أنها "ترتكز في خطوط محددة معروفة في لبنان وترتكز فيها مصادر الزلازل وهي تؤثر على منطقة محددة وجوارها".
وعدّد الياس الخطوط الأساسية، مشيراً إلى أنّ الفالق الأول هو فالق اليمونة، ويمتد من سهل مرجعيون جنوباً إلى منطقة البقعية البقاع؟ شمالاً، ويمر أيضاً في الحدود بين سهل البقاع وسلسلة لبنان الغربية. وتوقف عند الفالق الثاني، فالق جبل لبنان ويمتد جزء منه في البحر، من مقابل شاطئ طرابلس إلى مقابل شاطئ صيدا، مشيراً إلى أنّ أجواءه البرية تبدأ على طول سهل عكار والمنية شمالاً ومدينة صيدا ومنطقة مرجعيون جنوباً. وعرّف بالفالق الثالث فالق سرغايا، ويمتد من جبل الشيخ على طول السلسلة الشرقية بين لبنان وسوريا.
وعن العاصمة بيروت قال: "تقع العاصمة فوق فالق جبل لبنان، الممتد إلى غرب فالق اليمونة. وهي محاطة بفوالق زلزالية كبيرة وناشطة، ما يرجح وقوع زلزال في أي وقت".
40 هزة خفيفة
أما حمزة فأعلن أنه "يسجل لشبكة من الفوالق الناشطة بدرجات متفاوتة عدد كبير من الهزّات الخفيفة، التي لا يشعر بها المواطنون في لبنان"، وقال: "يسجل المركز الجيولوجي التابع للمجلس من خلال محطاته المنتشرة في الأراضي اللبنانية كلها مجموعة الهزات الأرضية التي تصل أحياناً إلى 40 هزة شهرياً، وهي هزات خفيفة لا تزيد قوتها عن 2،5 و 2،8 درجة على مقياس ريختر".
من 1956 إلى اليوم
ولفت الدكتور حمزة إلى أنه "منذ بداية الخمسينيات من القرن الماضي، لم يسجل في لبنان إلا حدث زلزالي مدمر نسبياً وهو ما عرف بـزلزال 1956، الذي أدى إلى مقتل 130 شخصاً"، مضيفاً: "جاء ذلك على خلفية تحرك فالق اليمونة الرئيس، الذي خلّف وراءه دماراً في بعض المنازل وبعض المناطق من الجنوب إلى إقليم التفاح وصولاً إلى إقليم الخروب فالبقاع".
ورأى أنه "بعد هذا التاريخ، تشير التسجيلات التي نرصدها في المجلس الوطني للبحوث العلمية، بحدوث هزة أرضية بقوّة تتراوح من 4،5 إلى 5 درجات كل 10 سنوات"، مشيراً إلى أنّ "المواطنين سيشعرون بهذه الهزّة الأرضية، وسينتج منها بعض التردّدات التي قد تستمرّ لأشهر عدّة، كما حدث مؤخراً في 12 شباط و15 شباط في صريفا في الجنوب"...
بناء "مقاوم" للزلازل
وخلص حمزة إلى اعتبار أنّ "هذا الوضع، الذي شخّصناه آنفاً، دافعاً للتأكيد أنّ هذه الشبكة هي ناشطة بشكل معقول"، مشيراً إلى أنها "لا تعفينا من ضرورة تجنّبنا للأضرار، التي يمكن أن تقع، إذا تحرّكت بقوّة تزيد عن 5،5 درجات على مقياس ريختر". ودعا إلى "تدعيم الأبنية القابلة للسقوط ووضع مخطط لبناء "مقاوم"، للزلازل كما الحال في مناطق أخرى من العالم".