يريد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان كتم أنفاس عسكرييه وضباطه. ممنوع عليهم انتقاد أداء المديرية أو قراراتها حتى في أحاديثهم الخاصة. لم يعد التسريب للإعلام وحده الجرم. مجرد الشكوى والتأفف جريمة تهدد العسكري بعقوبات مسلكية ومحاسبة عدلية.

مردّ هذا القرار الفجائي انتقادات وجّهها ضباط لمجلس قيادة المديرية، وتحديداً لشخص المدير العام عماد عثمان على خلفية الأقدميات الاستثنائية التي مُنحت لضباط دون غيرهم. وما نتج منها من «قلقلة» اعتبرها عثمان «مسيئة لشخصه وقيادته»، حتى وصل به الأمر الى استدعاء ضابط برتبة عقيد للتحقيق معه على خلفية حديث دار بينه وبين ضباط آخرين انتقد فيه المحسوبية في منح القِدم الاستثنائي.
أول من أمس، أصدر اللواء عثمان «أمراً عاماً» انطلق من ملاحظة قيادة هذه المديرية أنه عند إصدارها القرارات والأوامر التي وصفتها بـ«المناسبة في ما يتعلق بالمواضيع كافة، لما فيه مصلحة المؤسسة، يعمد العديد من العناصر ضباطاً ورتباء وأفراداً إلى مناقضتها بشكل علني وغير مجدٍ، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى تداول الآراء سلباً أو إيجاباً، غير آبهين بالقوانين والتعليمات المفروضة التي تستوجب تنفيذها دون تردد أو تلكؤ لما في ذلك من انتظام لعملها ورفع مستوى إنتاجيتها، وخاصة أننا من خلال التزامنا بالقسَم المحدد في القانون رقم 17 تاريخ 6/9/1990 ، أقسمنا وتعهدنا بإطاعة الرؤساء في كل ما يتعلق بالخدمة، سيما وأن هذه الإدارة، إذ تمثّل الرؤساء، هي المرجع الصالح والأوحد في تقرير الأنسب واتخاذ القرارات الصحيحة».
وطلب عثمان التعميم على كافة الضباط والرتباء والأفراد وجميع العاملين في قوى الأمن الداخلي التقيد بالآتي:
«أولا: الالتزام التام بالأوامر والقرارات الصادرة عن هذه المديرية العامة وتنفيذها بحذافيرها من دون الغوص في مناقشتها وفي الجدالات غير المجدية التي تتخللها أحياناً عبارات، إنما تدل على عدم الرضى الذي يمس بالانضباط المسلكي والانتظام العام في قوى الأمن الداخلي باعتبارها مرفقاً عاماً أمنياً هاماً.
ثانياً: تكلف شعبة المعلومات بمراقبة تنفيذ جميع الأوامر والقرارات الصادرة عن هذه المديرية العامة والإفادة فوراً عن كل مخالفة يتم التحقق منها، ولا سيما بالموضوع المذكور أعلاه، وستُتخذ التدابير المسلكية المشددة، والعدلية إذا اقتضت الحاجة، بحق المخالفين». هكذا هدّد عثمان ضباط المديرية وعناصرها بالقمع وبـ«سحبهم» الى التحقيق وإرهابهم بحساب مسلكي قد يصل الى إحالتهم على القضاء العدلي، متجاهلاً واقع ان المديرية ليست مؤسسة عسكرية، بل هي مؤسسة أمنية يُفترض أن تكون ذات طابع مدنيّ ـــــ مجتمعيّ، ولا ينبغي أن تسري عليها «الأنظمة العسكرية».

المصدر: جريدة الأخبار - رضوان مرتضى