يخوض رئيسُ «التيار الوطني الحر» جبران باسيل معارك جدّية وافتراضيّة في كل الاتّجاهات ويبدو أنه يعاني اليومَ أكثرَ من أيِّ يومٍ مضى من «انقلاب محتمل» لحلفاءَ مفترَضين له، ربما أكثرَ من معاناته من تداعياتِ كشفِ ورقةِ التفاهم السرّية مع «القوات اللبنانية».
توقّع رئيس «التيار» صمودَ التسوية العونية- الحريرية الى ما بعد بعد الانتخابات النيابية، خاصة أنه كان الداعم الأوّل للرئيس سعد الحريري في الأزمة التي مرّ بها خلال زيارته للسعودية.
مقرّبون من «التيار الحر» لا ينفكّون يذكّرون التيارَ الأزرق كيف بادر باسيل مترئساً جبهة المواجهة مع المملكة وحتى مع الدول الغربية، بدأها بجولة من إيطاليا بريطانيا وفرنسا وروسيا وتركيا، وشملت مواجهاتٍ مع أبرز المسؤولين الأوروبيين بغية مساعدة الحريري.
ويقول مقرّبون من الطرفين إنّ بداية الافتراق بين باسيل والحريري أتت إثر إقالة رئيس الحكومة مستشارَه نادر الحريري من منصبه، إلّا أنّ باسيل ينفي هذا الأمر وهو كان قد أكّد في حديث إعلامي أنّ علاقته مع الحريري هي اليوم أفضل من أمس بعكس ما يُشاع لكنه في الوقت نفسه تأسّف لإقالة نادر الحريري الذي يعتبره صديقاً للعائلة، لافتاً أنّ غيابه عن ساحة الحريري هو خسارة كبيرة.
يغرّد وزير الخارجية غيرَ آبهٍ بمضاعفة عدد معارضيه فهو لم يرتبك من احتمال فكّ الارتباط الحريري العوني ولم يلجأ الى التحصّن بورقة التفاهم المسيحية التي كانت ستؤمّن له الحصانة المسيحية الكاملة بالاضافة الى حصانة العهد، بل اختار أيضاً المضي قدماً في المواجهة المسيحية وعدم التراجع أمام كشف ورقة التفاهم السرّية رافضاً إعطاءَ القوات 5 وزارات ومن بينها وزارة سيادية مستنداً الى أنّ حجمَهم لا يسمح لهم سوى بـالحصول على ثلاث حقائب.
وجنبلاط أيضاً
كذلك لم يتراجع باسيل أمام ازدياد حجم معارضيه فاختار أيضاً مواجهة جنبلاط بإصراره على توزير النائب طلال أرسلان والذي يستشرس باسيل اليوم أيضاً لتوزيره في الحكومة الجديدة، الأمر الذي استفزّ جنبلاط عراب التسوية العونية -الحريرية الرئاسية.
يقول العارفون إنّ الوضع الحالي بات يهدّد جدّياً هذه التسوية التي بدأ أقطابُها يتذمّرون من الأداء الباسيلي المهيمن على مفاصل الدولة والرئاسة والحكومة».
أما باسيل الذي يغرّد خارج سرب القادة التقليديّين ويتابع رحلاته السندبادية ولا يتوقف أو ينتظر أو ينظر الى الخلف إذ إنّ الوقت ثمين بالنسبة اليه، فلن يبادر بل ينتظر الجميع للمبادرة.
لم يسجَّل لباسيل سوى اتصال هاتفي لتعزية البطريرك، وقفزة الى المطار لملاقاة جثمان القديسة مارينا للتبرّك فيما يتحضّر لجولة أميركية تبدأ الأسبوع المقبل، وقد بدأ مكتبُ «التيار» في واشنطن ونيويورك التحضير لها عبر تحديد مواعيد رسمية لباسيل مع مسوولين أميركيين كبار من بينهم جون بولتون مستشار الأمن القومي ومايك بومبيو وزير الخارجية الأميركية وعرّاب العلاقة الأميركية – الكورية وغيرهم …
والراعي يتأمّل الصورة ويتأمّل!
صحيح أنّ البطريرك الراعي تمنّى على باسيل التسهيل في تأليف الحكومة إلّا أنّ الأخير لا يتنازل عندما يتعلق الأمر بمصالح «التيار» ورئاسة الجمهورية.
هو يعلم بمطالب جعجع الذي شكاه الى الراعي، ويعلم أنّ الحريري ينتظر زيارته أو اتّصاله أو مبادرة تسهيليّة جديدة للتشكيلة الحكومية.
ويعلم باسيل أنّ جنبلاط اتّهم «التيار» باستيلائه على الدولة ونصحه بقراءة الكتب، كما يعلم أنّ الجميع ينتظرون خطوةً متعثرة منه للإنقضاض عليه لا سيما في موضوع التوطين السوري وعودة الحوار بين الجانبين الدولة اللبنانية والنظام السوري.
ورداً على قول جنبلاط أنّ التيار يستولي على الدولة اللبنانية فلا يكتفي باسيل بالتغريد ويفضل الإجابة على جنبلاط بمَن فيهم المعترضون عبر «الجمهورية» بالقول: «كفى هلوسة»! عودوا الى الحقيقة واقبلوا نتائج الانتخابات من دون الانقلاب عليها».
اما عن التسوية العونية – الحريرية واذا كان من الممكن اعتبارها سقطت نهائياً أو من الممكن انقاذها، يجيب باسيل لـ«الجمهورية»: «التسوية باقية وستتعزز أكثر».