تحولّت بلدة الحمودية ــ قضاء بعلبك، أمس إلى ساحة حرب. ساعات من الاشتباكات تخللها إطلاق قذائف صاروخية أثناء تنفيذ الجيش مداهمات ومحاصرته عدداً من المطلوبين، ولا سيما علي زيد إسماعيل، ما أدى إلى مقتل الأخير وسبعة آخرين وتوقيف 41، بينهم ستة جرحى

 

عشرات المداهمات على مدى الأشهر الماضية لتوقيف المطلوب للقضاء بعشرات مذكرات التوقيف المدعو علي زيد إسماعيل في بلدته الحمودية غربي بلدة بريتال لم يكتب لها النجاح. معظمها كان ينتهي بعدم العثور على إسماعيل أحد أبرز المطلوبين بتجارة المخدرات في البقاع وأخطرهم، وفي إحداها استشهد الرقيب الأول في قوى الأمن الداخلي إدمون سمعان، متأثراً بجراحه (20 أيار 2015)، بعدما تعرضت قوة من مكتب المخدرات المركزي لإطلاق نار بعد توقيفها أحد المطلوبين في بلدة الحمودية، قبل أن يتمكن الأخير من الفرار أثناء مغادرة القوة للبلدة.


يوم أمس كان للقوة الضاربة في الجيش اللبناني كلام آخر. عملية أمنية واسعة مع رصد لأحد المنازل في بلدة الحمودية يتوارى فيه إسماعيل وعدد من مرافقيه. طوق واسع حول المنزل مع احتساب لكل احتمالات المواجهة تفادياً لتكرار سيناريو 2015. لذلك، انتشرت فرق الدهم من جهات المنزل الأربع. إطلاق نار كثيف تعرضت له القوة من مسلحين في المنزل تطور إلى اشتباكات عنيفة بين الجيش والمسلحين استعملت فيه الأسلحة الحربية الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية، ما استوجب تدخل مروحيات الجيش. الاشتباكات بين الطرفين استمرت لساعات، وأدت إلى مقتل أحد مساعدي علي زيد إسماعيل، السوري حسين مطر الملقب بـ«جمال» وسوريين آخرين يعملان بإمرته. وقد تمكن الجيش من السيطرة على الموقف بعد أن استقدم تعزيزات مؤللة إلى البلدة وأقفل مداخلها ومخارجها ومنع التجوال فيها، ونفذ عمليات دهم لغالبية المنازل التي يشتبه في تواري إسماعيل فيها، واستخدمت مكبرات الصوت للطلب منه ومن المسلحين معه تسليم أنفسهم. 
وأدت العملية إلى توقيف 41 شخصاً، خمسة وعشرون منهم سوريون، فيما عُرف من اللبنانيين الموقوفين كل من (ع. إ)، و(ع. م)، و(م. إ)، و(ع. إ) الملقب بـ«عيسى»، و(غ. إ) المشتبه فيه بالمشاركة في إطلاق النار على دورية مكتب المخدرات المركزي ومقتل سمعان، بحسب مصادر أمنية لـ «الأخبار». وقالت إن العملية جاءت في سياق الإجراءات العسكرية والأمنية في البقاع، من أجل ضبط السلاح المتفلت وتجارة الفدية وأعمال السلب والاتجار بالمخدرات، وأشارت إلى أن الضحايا البقاعيين من جراء هذه الأعمال «لا يعدون ولا يحصون، وكان لا بد من هذه العملية من أجل جعلها درساً لآخرين ما زالوا متوارين عن الأنظار».


ماذا عن علي زيد إسماعيل الملقب بـ«إسكوبار»؟
تقول المصادر الأمنية إن الجيش تمكن عبر برنامج تعقب الاتصالات في الأسابيع الماضية من رصد حركة ابن بلدة الحمودية الثلاثيني، وحدد مكان وجوده في البلدة، وبدا ذلك واضحاً من إصراره على تفتيش غالبية منازل البلدة المشتبه فيها، وقد تمكنت في وقت لاحق مروحية للجيش من تحديد مكانه في سيارة بيك أب من نوع نيسان سوداء في السهل الممتد بين الحمودية وطليا، فاستهدفه الجيش، ما أدى إلى مقتله وشقيقه محمد، حيث نُقلَت الجثتان إلى ثكنة أبلح العسكرية، إضافة إلى ستة قتلى، جميعهم من المطلوبين، سقطوا خلال الاشتباكات.
ويعدّ علي زيد إسماعيل من أخطر تجار المخدرات، وهو من المطلوبين بما يقارب 3000 وثيقة ومذكرة قضائية من تجارة مخدرات وتزوير وإطلاق نار وغيره. وهذه المداهمة ليست الأولى، بل سبقتها عشرات المداهمات من دون التمكن من إلقاء القبض عليه.


وقد ضبط الجيش في منزل إسماعيل كميات كبيرة من المخدرات وأسلحة خفيفة ومتوسطة وأعتدة وذخائر عسكرية. وأعلنت قيادته في بيان صادر عن مديرية التوجيه أن الجيش «تعرض لإطلاق نار من قبل مجموعات مسلحة تابعة للمدعو إسماعيل، وقد اضطر عناصر القوة التابعة له إلى الرد بالمثل، ما أدى إلى مقتل 8 مسلحين وتوقيف 41 شخصاً، بينهم 6 جرحى من المجموعات المذكورة، وضبطت كمية من الأسلحة والمخدّرات». وأشار البيان إلى «تسليم الموقوفين مع المضبوطات إلى المرجع المختص، فيما تستمر قوى الجيش المنتشرة في المنطقة بتنفيذ التدابير اللازمة لتوقيف باقي المطلوبين».
في السياق نفسه، عقد مجلس بلدية بريتال ومخاتير وفاعليات البلدة جلسة استثنائية في القصر البلدي، أمس، حيث أبدى المجتمعون «حرصهم على إقامة التدابير الأمنية في المنطقة بهدف الحدّ من الأفعال الجرمية التي تطاول أبرياء بين الحين والآخر»، وشددوا في بيانهم، «على ضرورة التزام المعايير القانونية والإنسانية أثناء تنفيذ الخطة الأمنية، لئلا تفقد الدولة، بأجهزتها الأمنية والعسكرية، مكانتها الحقوقية من جهة، ويغيب معيار التمييز بين البريء والمتهم من جهة أخرى».

المصدر: الأخبار