لا جديد حكومياً سوى استمرار ضخ مناخ إيجابي عن رغبة رئاسية بولادة الحكومة الجديدة قبل الأول من آب عيد الجيش اللبناني. هذا في النوايا، أما في الوقائع، فإن مشهد المشاورات في الساعات الأخيرة لا يشي بأي تطور، سوى ما نقله زوار رئيس الحكومة سعد الحريري عنه بأنه تبلغ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عدم اعتراضه بأن يتمثل اللقاء الديمقراطي بثلاثة وزراء، من دون معرفة ما إذا كان المقصود بالثلاثة من يمثلون الطائفة الدرزية أو أن رئيس الجمهورية ينوي مقايضة أحد المقاعد الدرزية الثلاثة بمقعد مسيحي. ونقل زوار الحريري عنه أنه يتبنى وجهة نظر القوات اللبنانية بوجوب أن تتمثل بأربعة وزراء في الحكومة الثلاثينية، وبينهم حقيبة سيادية أو موقع نائب رئيس الحكومة. وجدد الحريري القول إنه لا مانع لديه بأن يتمثل النواب السنة من خارج تيار المستقبل بمقعد وزاري من ضمن حصة رئيس الجمهورية، وأكد الحريري أنه سيلتقي رئيس الجمهورية مجدداً في الساعات المقبلة، مبدياً أمله في أن يلتقي وزير الخارجية جبران باسيل الذي سيعود الليلة من واشنطن، قبل أن يزور بعبدا.

وكان الحريري قد تناول الملف الحكومي في الاجتماع الثلاثي الذي ضمه والرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في القصر الجمهوري، أمس، بعيد انتهاء جلسة المحادثات الرسمية مع الوفد الروسي برئاسة الموفد الرئاسي ألكسندر لافرنتييف.
وقيّمت الترويكا الرئاسية نتائج المحادثات التي أجريت مع الوفد الروسي، كما تطرق البحث إلى آخر تطورات تشكيل الحكومة الجديدة في ضوء الاتصالات التي أجراها الحريري بعد زيارته القصر الجمهوري أول من أمس.
وتوافق الرؤساء الثلاثة على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، وعلى أن يكثّف الحريري لقاءاته خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة لتحقيق هذا الهدف. كما علمت «الأخبار» أنه جرى عرض سريع لمسار تأليف الحكومة، شارك الرئيس بري في جزء منه، حيث تعمّد القول في الاجتماع إنه بالإمكان تشكيل الحكومة أمس قبل اليوم. 
أما في اللقاء الثنائي بين عون والحريري، فتم عرض التطورات التي حصلت منذ لقائهما الأخير (أول من أمس) واتفقا على اجتماع ثالث يُعقد في خلال الثماني وأربعين ساعة المقبلة.
وقد عُلم أن الاتصالات التي حصلت في اليومين الماضيين أدت إلى تقدم ملحوظ، لخّصه مصدر مطلع بالقول إن هناك تصوراً طرحه الحريري على عون لحل العقدتين المسيحية والسنية، وكذلك العقدة الدرزية، من خلال استبعاد اسم رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان عن التشكيلة المطروحة. وقد كان الرئيس عون متفهماً لهذا الطرح لكن شيئاً لن يحصل قبل عودة باسيل من الخارج.


في هذه الأثناء، ثمن تكتل الجمهورية القوية الجهود التي يبذلها الحريري في سبيل تشكيل الحكومة الجديدة، ودعا التكتل، بحسب البيان الذي تلاه رئيس القوات سمير جعجع «الأطراف المعرقلة إلى الكف عن ممارساتها، تسهيلاً لعملية تشكيل سريعة باتت البلاد في أمس الحاجة إليها، في ظل الأوضاع الراهنة». كما استنكر التكتل «محاولات الضغط والتهويل والوعيد التي يمارسها المعرقلون أنفسهم على الرئيس المكلف، والتي تصب في هدف واحد، ألا وهو الدفع بالرئيس المكلف إلى اعتماد تشكيلة حكومية بعيدة عن الواقع التمثيلي الذي أفرزته الانتخابات الأخيرة، ولا تنسجم بالتالي مع قناعاته».
كما أكد جعجع أن القوات اللبنانية لن تقدم على أي تحالفات في مواجهة العهد، مشيراً إلى أنه «لن نتمكن من تأليف الحكومة من دون تدخل رئيس الجمهورية ميشال عون».
من جهتها، أشارت كتلة الوفاء للمقاومة، في بيان صادر عن اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد، أمس، إلى أنها تداولت في «تعقيدات التأليف الحكومي وأسباب المراوحة والتسويف في لحظة سياسية تفرض فيها التطورات السورية ملفات أساسية ينبغي أن تقاربها الدولة اللبنانية بانفتاح وإيجابية لتحقيق مصالح مشتركة للبلدين». واعتبرت أن ذلك يقتضي وجود علاقات دافئة وقنوات تواصل سياسي تنهض بمسؤولية معالجة الملفات الضرورية المطروحة لمصلحة الشعبين اللبناني والسوري على حد سواء».
وفي خطوة لا يمكن عزلها عن مساعي رئاسة الجمهورية لتثبيت العلاقة مع سوريا، أبرق عون، أمس، إلى نظيره السوري بشار الأسد معزياً بضحايا الهجمات الإرهابية التي شنّها مسلحو تنظيم «داعش» في محافظة السويداء أول من أمس، مستهدفين الأطفال والنساء الأبرياء في مجزرة مروّعة «تؤكد مرة جديدة ضرورة بذل كل جهد ممكن للقضاء على هذا التنظيم المتطرف والخطير وأفكاره التكفيرية العنيفة». كما أبرق عون إلى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا الشيخ يوسف جربوع، معزياً بضحايا المجزرة. وأعرب عون في برقيته، عن تضامن لبنان مع أهالي الضحايا.
وفي السياق نفسه، دان «حزب الله» هجمات السويداء، وقال، في بيان، «إن هذه العملية إذ تأتي في أعقاب الانتصارات الباهرة التي حققتها سورية وحلفاؤها في الآونة الأخيرة، خصوصاً في الجنوب السوري وعودته إلى كنف الدولة والشرعية والأمان، فإن قدوم هذه العصابات بكل أسلحتها وعتادها وآلياتها ومعداتها من منطقة التنف السوري حيث تتواجد قوات الاحتلال الأميركي وأمام أعينها وبتسهيلات واضحة منها، هو مؤشر خطير على اشتراك هذه القوات ودعمها لهذه الجريمة الإرهابية ضد سورية وشعبها ووحدتها وضد الأبرياء والمدنيين». كما رأى أن ذلك يؤكد في شكل واضح أن القوى الإقليمية والدولية لا تزال تواصل استخدام هذه العصابات المجرمة في تحقيق أغراضها الخبيثة وأهدافها العدوانية».
وتقام «وقفة تضامن ومشاركة ومؤازرة مع أبناء جبل العرب وصلاة الغائب على أرواح الضحايا، بعد الأحداث الأخيرة، بدعوة من مشيخة عقل الطائفة الدرزية»، في مقام الشيخ أحمد أمين الدين في عبيه، عند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم، فيما يتقبل النائب طلال ارسلان التعازي في دارته في خلدة.

المصدر: الأخبار