حوالى الساعة الثامنة من ليل أمس، ألقي القبض على المفتي الشرعي لكتائب عبد الله عزام في عين الحلوة، بهاء الدين حجير (29 عاماً)، بينما كان متوجهاً إلى منزل أسرته في حي الطيرة في عين الحلوة. ويعد حجير أحد أبرز المتهمين بتنفيذ تفجير السفارة الإيرانية في بيروت في تشرين الثاني من عام 2013؛ إذ أدّت تحقيقات الأجهزة القضائية اللبنانية إلى الاشتباه في أنه كان الوسيط بين أحد انتحاريي التفجير وبين قيادة كتائب عبد الله عزام التي تبنته. وقالت مصادر أمنية فلسطينية لـ«الأخبار» إن أشخاصاً ملثمين كانوا يرصدون حركة حجير وانقضوا عليه عندما كان يسير بمفرده من دون مرافقة أو سلاح في أحد أزقة الطيرة، حيث توارى عن الأنظار منذ انتشار خبر تورطه في التفجير الانتحاري قبل خمس سنوات وطلب السلطات الأمنية اللبنانية تسلمه. وأكدت المصادر أن المجموعة كانت تنسق مع استخبارات الجيش اللبناني التي تسلمته بعد القبض عليه إثر نقله مباشرة إلى خارج المخيم. وبرز نجم الشيخ الذي كان يدرس الشريعة بين مسقط رأسه في عين الحلوة وصيدا ويؤم المصلين في مسجد في جدرا، بعد جمع المعلومات عن المتورطين في التفجير الذي قام به الانتحاريان معين أبو ظهر وعدنان المحمد اللذان فجّرا نفسيهما أمام مقر السفارة، ما أودى بحياة مواطنين لبنانيين وموظفين في السفارة. وحجير ابن محمود حجير القيادي في جبهة التحرير الفلسطينية، تقرّب من الجو الإسلامي المتشدد حتى أصبح قيادياً بارزاً في جند الشام ثم في كتائب عبد الله عزام تحت إشراف المطلوب المتواري في المخيم أبو محمد توفيق طه. ومنذ ذلك الحين، لم تفِ القيادات الفلسطينية بالوعود التي قطعتها للمرجعيات الأمنية اللبنانية عند طلبها تسليمه. توقيف حجير أعاد تجميع «الشباب المسلم» في دقائق. بقايا «جند الشام» و«فتح الإسلام» ومناصرو كتائب عبد الله عزام ومجموعة بلال بدر استنفرت في الأحياء التي تتمركز فيها من المنشية إلى الطوارئ والطيرة وحطين. مصادر من داخل المخيم أشارت إلى أن تلك المجموعات وجهت رسائل شديدة اللهجة إلى القيادات الفلسطينية داخل المخيم، متهمة إياها بـ«النكث بالوعد الضمني بعدم تسليم أي مطلوب للسلطات اللبنانية». حركة فتح كانت أول المتهمين بمساعدة استخبارات الجيش بالوصول إلى حجير الذي ذكّر توقيفه بتوقيف الإسلامي عماد ياسين المحسوب على تنظيم داعش، قبل عامين، حين قُبض عليه في عملية أمنية محكمة من داخل المخيم. ورفضت مصادر استخبارات الجيش الإفصاح عن تفاصيل عملية التوقيف، «لأسباب أمنية، ولمتابعة أهداف أخرى».
اعتقال حجير خلط الأوراق في عين الحلوة الذي كان مستنفراً منذ أيام بسبب جريمة اغتيال الفتحاوي هيثم السعدي الذي قتل بالرصاص مساء السبت الفائت أثناء مروره بسيارته بجانب مسجد الصفصاف، والاشتباه بتورط محمد ع، ابن أحد الإسلاميين البارزين، في الجريمة. ومن المنتظر أن تشهد السفارة الفلسطينية في بيروت اليوم اجتماعاً للفصائل الفلسطينية والقوى الإسلامية لبحث التداعيات الأمنية. وكان المخيم قد شهد طوال الأيام الثلاثة الماضية استنفاراً من قبل قوات الأمن الوطني الفلسطيني والقوة الأمنية المشتركة و«التيار الإصلاحي» في حركة فتح في الشارع الفوقاني وأحياء طيطبا (حيّ القتيل) والرأس الأحمر (حيّ المشتبه فيه) والطيرة والصحون، استنكاراً لمقتل السعدي. وسرت شائعات عن أن سبب استهداف السعدي (كان يقيم في أوكرانيا ومتزوج أوكرانية)، تواصله مع أجهزة أمنية لبنانية بالتعاون مع زوجته الثانية أرملة أحد عناصر القوة الأمنية المشتركة الذي كان قد قتل في وقت سابق. الاستنفار الفتحاوي قابله «استنفار إسلامي» في الأحياء التي تتمركز فيها المجموعات المتشددة. وبين الاستنفارين، بادرت عصبة الأنصار الإسلامية إلى التفاوض بين الطرفين، في محاولة لتهدئة الوضع الأمني وإقناع الإسلاميين بتسليم المشتبه فيه للقوة الأمنية. لكن عدم توصل اتصالات العصبة إلى نتيجة أدى إلى تأزم الوضع، ما دفع بعض الأهالي إلى النزوح من طيطبا والرأس الأحمر إلى أحياء «بعيدة» نسبياً عن الاستنفار. لجنة حيّ طيطبا الذي يتحدر منه القتيل عقدت اجتماعاً أعلنت فيه رفضها دفنه إلى حين تسليم المشتبه فيه. وأصدر أهالي رابطة حيّ الرأس الأحمر بياناً طالبوا فيه قيادات الفصائل والقوى الإسلامية بإخراج والد المشتبه فيه من الحيّ تحسباً لتكرار سيناريو مربع رفيقه بلال بدر في حيّ الطيرة الذي أنهته حركة فتح باشتباك أدى إلى مقتل عدد من الضحايا وتضرر عشرات المنازل. بالتزامن، عقدت القيادة السياسية لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في منطقة صيدا اجتماعاً أكدت فيه ضرورة تسليم القاتل للقضاء اللبناني وإعلان اليوم الأربعاء يوم إضراب عام في أرجاء المخيم. علماً بأن وكالة الأونروا عطلت الدراسة في المدارس أمس على غرار عدد من المحال والأسواق داخل المخيم، خوفاً من تدهور الوضع الأمني.