عن عمر ناهز الثمانين عاماً، قضت معظمه ضمن مسيرة المقاومة، مربّية ومعلّمة ومعزّية، رحلت أم عماد مغنية، «أم الشهداء»، كما لقّبها أهل المقاومة. رحلت آمنة سلامة مغنية (أم عماد)، تاركة خلفها عمراً حافلاً بالصمود والصبر. والدة الشهداء الثلاثة، جهاد (1984)، ثم فؤاد (1994)، وعماد (2008) الذي ظهرت إلى العلن من بعد شهادته، لتصبح أيقونة في مجتمع المقاومة، وبين عوائل الشهداء. 

لم تكتف أم عماد بأن تكون أماً لثلاثة شهداء، ففي عام 2015، انضمت صورة حفيدها، جهاد عماد مغنية، إلى صور أبنائها الشهداء الثلاثة التي زيّنت حائط غرفة الاستقبال في منزل الحاج أبو عماد، بعدما اغتالته الطائرات الإسرائيلية، مع مجموعة من المقاومين، في محافظة القنيطرة السورية، على الحدود مع الجولان المحتل.
آمنة سلامة، زوجة فايز مغنية، لم تكن جديدة على العمل المقاوم، أو العمل الإسلامي في لبنان. ولم يشكّل انضمام أبنائها الثلاثة إلى صفوف المقاومة، منذ البدايات، ثم استشهادهم، إلا نتيجة طبيعية لطريق اختارته الحاجة أم عماد منذ شبابها. ففي العمل الإسلامي الدعوي، كانت أم عماد في مقدمة النساء اللواتي عملن في بداية الحالة الإسلامية في لبنان، على نشر فكر الشهيد السيد محمد باقر الصدر بين النساء، بالإضافة إلى اهتمامها الخاص بالقضية الفلسطينية ومحوريّتها في الحالة الإسلامية الصاعدة مع انتصار الثورة في إيران. وكما تمكّنت الراحلة، في فترات متلاحقة، من رفد المقاومة بالمقاومين والشهداء من أبنائها، يروي مقرّبون من العائلة، كيف كانت مواكبةً لكافة مراحل عمل الشهيد القائد عماد مغنية ضمن المقاومة، حتى في أحلك الظروف وأصعبها، وكيف أنها لم تتوانَ يوماً عن تأدية مهمات مختلفة ضمن العمل المقاوم.
برحيل الحاجة أم عماد مغنية، تفتقد المقاومة في لبنان وفلسطين، وكل حركات المقاومة في منطقتنا والعالم، نموذجا حيّاً وحاضراً، للمرأة التي تحجز لها حيّزاً واسعاً في حركات المقاومة والتحرّر، فتكون العاملة على نشر الفكر المقاوم وتعميمه، بالقول والفعل.

المصدر: الاخبار