في خضم الأزمات السياسية والإقتصادية التي تمر بها الخرطوم تفاءلت بمد “السعودية” والإمارات لها يد العون عبر تشجيع استثمارات كلا البلدين في السودان في الوقت الذي يُزج بالمزيد من المقاتلين السودانيين في صفوف التحالف السعودي الذي يشن عدواناً على اليمن منذ قرابة الأربع سنوات. عندما أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العقوبات الإقتصادية على السودان في 6 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، بعد مضي أكثر من 20 عاماً من فرضها على البلاد، لم يعوّل المسؤولون السودانيون على مجرد رفع العقوبات بحسب صحيفة “العربي الجديد”، التي بيّنت أن التفاؤل السوداني صبّ في مساندات “السعودية” والإمارات المزعومة للخرطوم، بيد أن البلدين نكثا وعديهما لاحقاً. الصحيفة ذكرت أن عدد إجمالي الشركات السعودية المستثمرة في اليمن بلغ قرابة 512 شركة قبل رفع العقوبات، وكان من المُخطّط أن تبلغ قيمة استثماراتها 25 مليار دولار، لكن المُنفَّذ منها حتى الآن نحو 11 مليار دولار فقط موضحةً أنه من مجموع الشركات السعودية هذه، تعمل 262 شركة حالياً في المجالات الخدمية، وتنشط 145 شركة في المجال الصناعي، و105 شركات في مجالات زراعية. “أما الإمارات، فإن حجم استثماراتها يُقدّر بحدود 7 مليارات دولار، في حين توجد في السودان من جنسيتها نحو 17 شركة تتوزّع على قطاعات اقتصادية متنوّعة، لكن أبرزها يُركّز استثماره في مجال صناعة الإسمنت”. في هذا الصدد، يقول رئيس تحرير صحيفة “مصادر”، عبدالماجد عبدالحميد، “إن الأرقام المذكورة الخاصة بالسعودية لم تتغيّر مطلقاً بعد قرار رفع العقوبات، كما لم يحدث فيها تغيير حتى في ظل الأزمة الاقتصادية التي واجهها السودان منذ نهاية العام الماضي”. عبد الحميد لفت إلى أن “السودان كان خلال السنة الحالية بحاجة إلى 130 مليون دولار فقط لصيانة مصفاة النفط الرئيسية كي يتمكّن من حل أزمة الوقود الخانقة التي مرّت بها البلاد، ولم تتكرم عليه لا الرياض ولا أبوظبي بتقديم هذا المبلغ”. وتابع “إن الخذلان السعودي حدث رغم مواقف الخرطوم السياسية الداعمة للرياض حتى في قضية مقتل الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي في مقر القنصلية السعودية في إسطنبول”، مُبدياً “دهشته مما تقدّمه السعودية لمصر من دعم بمليارات الدولارات، فيما لا يحصل السودان على 1% قياساً بها، كما استغرب توجّه الرياض للاستثمار في إثيوبيا وإريتريا المجاورتين، مع أن هاتين الدولتين، لا تتمتّعان بالإمكانات الاقتصادية الهائلة التي يمتلكها السودان”. بدوره رأى الاقتصادي عادل الباز، أن “سقف تطلعات الحكومة السودانية كان كبيراً جداً، عندما توقعت دعماً خليجياً غير محدود، في ظل وعود سخية أطلقتها السعودية والإمارات بعنوان مشاريع وودائع مالية غير مسبوقة”، مشيراً إلى أنه، “بمرور الأيام، تداعى ذلك كله، ولم تحصد حكومة الخرطوم إلا رماد تلك الوعود”. وأردف الباز قائلاً في تصريح لـ “العربي الجديد”، أن “الاستثمارات لم تتدفق، كما أن الودائع لم تصل، وانتهى الأمر إلى وضع شروط جديدة أمام الحكومة تدعوها إلى اتخاذ موقف حاسم لمصلحة دول الحصار الجائر المفروض على قطر مقابل حصول الخرطوم على الدعم”. هذا ونبّه إلى أن السودان “أخفق في جذب استثمارات كانت مأمولة بسبب عدم وجود إرادة سياسية خليجية بتوجيه الاستثمارات إليه، في الوقت ذاته الذي فشلت فيه الدولة السودانية بتسويق فرص الاستثمار المُتاحة، مستشهداً بعدم وجود خريطة استثمارية تبيّن الفرص والمشاريع المتاحة، فضلاً عن عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد”.

http://mirat0024.mjhosts.com/25742/

المصدر: مرآة الجزيرة