الصراع بين الأحزاب السياسية، حول من منها حصد الأغلبية في الانتخابات الطلابية في الجامعة اليسوعية، «ثانوي» أمام خبر خسارة القوات اللبنانية وحزب الكتائب لـ«معقلهما التاريخي»: كلية إدارة الأعمال ــــ «أوفلان». تحالف 8 آذار ــــ التيار الوطني الحر ــــ التقدمي الاشتراكي، فاز في «أوفلان» وفي الكليات الأساسية والكبيرة

لا يوجد «أصدق» من تيار المستقبل، للردّ على «احتفال» رئيس القوات اللبنانية بالفوز في الانتخابات الطلابية في الجامعة الأميركية في بيروت. آخر «رواية» قدّمها تيار المستقبل حول هذا الاستحقاق الذي نُظّم في 12 تشرين الأول، أنّه نتج عن تحالفه مع «القوات» الفوز بـ7 مقاعد، مُقابل فوز تحالف «8 آذار» والتيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي بـ8 مقاعد، وثلاثة مقاعد للنادي العلماني. وقد حصل تعادلٌ حول المقعد الـ19، الذي لن يُحسم قبل إعادة الانتخابات. إلا أنّ جعجع، الذي «اعترف» أصلاً بأنّ حزبه فاز بـ3 مقاعد مقابل 4 لـ«المستقبل»، مُصرّ على نسب «الانتصار» لطلابه، مُقدّما أرقاماً خاطئة تفوق عدد المقاعد الحقيقية (قال إنّ «القوات فازت بـ3 مقاعد، مقعد للتيار العوني، 4 مقاعد لتيار المستقبل، 3 مقاعد لحزب الله، مقعد لحركة أمل، مقعد للتقدمي الاشتراكي، خمسة مقاعد للمستقلين، وبقي مقعدان ليتم تحديد هويتهما لاحقاً»، أي ما مجموعه 20 مقعداً، فيما عدد المقاعد يبلغ 19). كرّر جعجع خبريته غير الدقيقة أكثر من مرّة، وآخرها يوم السبت خلال «احتفاله» أيضاً بانتخابات الجامعة اليسوعية. «اختلاق» جعجع لانتصار وهمي في «الأميركية»، دفع كلّ من لا يدور في فلك القوات اللبنانية إلى التشكيك في كلامه حول «اليسوعية»، ولا سيّما أنّ كلّ الأحزاب، من دون استثناء، احتفلت بعد إعلان النتائج في هذه الجامعة. وأرقام ماكينة «التيار» وماكينة حزب الله تتناقض، في كليات مُعينة، مع أرقام «القوات».

حصر جعجع المعركة بعدد الكليات الفائزة، فقال إنّ حزبه (مُتناسياً أنّه كان جزءاً من تحالف) فاز في 13 كلية (في مجمعات الأشرفية والمتحف والمنصورية) و4 كليات في زحلة، في حين أنّ تحالف «8 آذار» والتيار الوطني الحر والاشتراكي يقول إنّه فاز في 10 كليات في بيروت (من بينها الكليات الثلاث الأكبر: إدارة الأعمال، والطب العام، والهندسة)، وثلاث كليات في مجمع صيدا، وثلاث كليات في مجمع طرابلس. في مُقابل 12 كلية لصالح تحالف «القوات ــــ المستقبل ــــ الكتائب» (منها 8 في بيروت)، وفوز المستقلين بـ4 كليات. سيبقى كلّ تحالف مُصراً على وجهة نظره، في تقديم الأرقام التي جمعتها ماكينته الانتخابية، ولكنّ المُتفق عليه بين الاثنين هو أنّ القوات والكتائب خَسِرا في المكان الأحبّ إلى وجدانهما: كلية إدارة الأعمال ــــ «أوفلان»، أو ما دأبا على تسميته «قلعة البشير». هذا ما حاول جعجع «الالتفاف» عليه، و«ستره» تحت عباءة أنّه نال العدد الأكبر من الكليات. ولكنّه يُدرك جيداً أنّ كليات إدارة الأعمال والهندسة والطب العام والعلوم، هي الساحة التي تنشط فيها الماكينات الحزبية، والتي تُعطي النكهة السياسية لأي فوز، وخاصة أنّها تضم العدد الأكبر من الطلاب.
«مُجرّد خسارة القوات في أوفلان، أمرٌ كافٍ. هذا «معقل القوات»، والمكان المعنوي المُرتبط ببشير الجميل. المعركة هنا طابعها سياسي بحت»، يقول أحد مسؤولي الطلاب في تحالف «8 آذار ــــ التيار ــــ الاشتراكي»، الذي يعتبر أنّ هدف المعركة تحقق «بالفوز في الكليات الكبيرة والأساسية، من يربحها يكن رابحاً في اليسوعية»، في حين أنّ فوز القوات اللبنانية كان «في كليات صغيرة وغير أساسية». تحالف «التيار – المردة – حزب الله – حركة أمل»، هو الذي حقّق الفرق، كما يقول المسؤول الطلابي، «لأنّ طريقة العمل تحسّنت كثيراً عن السنة الماضية، ولا سيّما ماكينة التيار الانتخابية».
في الإطار نفسه، يتحدّث مسؤول مكتب الجامعات الخاصة في التيار الوطني الحر مارك خوري عن الحملة الانتخابية التي قام بها التيار العوني، «فركزنا على أنّ خطاب القوات قائم على التحريض الطائفي، واتهامنا بأنّنا نربح بفضل حزب الله، وعلى استذكار بشير الجميل في زمن الانتخابات». أكد «التيار»، بالتعاون مع حزب الله وحركة أمل، «أنّ الكلّ حريص على الحفاظ على هوية الجامعة، كجامعة القديس يوسف، وخاصة حزب الله». وأتى التحالف مع تيار المردة ليزيد «شرعية» هذا الحديث، «المردة ونحن ركّبنا التحالفات معاً، وكنا فهمانين الوضع جيداً. أصلاً، في عزّ الخلاف السياسي، ولا مرّة كنا في الجامعات بعيدين بعضنا عن بعض. هناك 10 سنوات من التحالف، من الصعوبة التفرقة بيننا». وكان لافتاً أنّ طلاب «المردة» شاركوا ليل السبت في اللقاء الذي جمع طلاب «التيار» مع رئيس حزبهم الوزير جبران باسيل في مركز ميرنا الشالوحي. وقد رحّب باسيل بطلاب تيار المردة، الذين رفعوا أعلامهم إلى جانب الأعلام البرتقالية.

بالنسبة إلى النتائج، يقول خوري إنّ «رئاسات الهيئات قُسّمت على كلّ الأحزاب بالتوافق». أما الكليات حيث هناك معارك سياسية، «وأهمها إدارة الأعمال، فقد حسمناها لصالحنا بعد خسارتها لستّ سنوات. اليسوعية عادت عونية».
في المقابل، يُصرّ رئيس دائرة الجامعات الفرنكوفونية في «القوات» منير طنجر على أنّ تحالف «المستقبل ــــ الكتائب ــــ القوات» فاز في 13 كلية من أصل 20 جرت فيها الانتخابات، مُستغرباً كلام التيار العوني عن كليات صغيرة وكليات كبيرة، «فتحالفهم استعاد كلية إدارة الأعمال بفارق 5 أصوات، بعد أن احتفظنا بها لمدة 8 سنوات، في حين أنّ الفارق في الكليات التي ربحناها، كالاقتصاد، وصل إلى 50 صوتاً، و20 صوتاً في كلية الصيدلة». في المنطق القواتي نفسه، يتحدث رئيس مصلحة الطلاب في حزب الكتائب زخيا الأشقر، مُضيفاً أنّه «لا أعرف كيف هناك فريق يعتبر نفسه فائزاً بفارق كبير». عدد طلاب «الكتائب» لم يتخطّ 11 من أصل 280، ولكنّ الأشقر «يُنوّه» بالتقدم الكتائبي في اليسوعية، ويُخبر أنّه «كلّ عام يحصل جدل حول النتائج، لأنّ اليسوعية كناية عن كليات عديدة، وداخل كلّ كلية هناك عدّة اختصاصات، وتُنظم انتخابات على أساس النسبية في كلّ اختصاص»، مُسجّلاً ملاحظاته على إجراء الانتخابات يوم السبت، وقبل يومين من تنظيم الامتحانات داخل الجامعة، ما أدّى إلى عدم مشاركة قسم من الطلاب.

المصدر: ليا القزي - الاخبار