مع دخول العقوبات الاميركية على إيران مرحلتها الاقسى، بدأت مرحلة جديدة في المنطقة يسودها التوتر والقلق من أن يؤدي أي تصعيد عسكري محدود الى حرب مدمرة، تُدخل المنطقة في أتون حرب يُعرف كيف تبدأ ولا يُعرف كيف تنتهي.

وتزامنًا مع تهديد ترامب بفرض عقوبات على الدول المستوردة للنفط الايراني، وإعلان إيران بالمقابل أنها تبيع نفطها في "السوق الرمادية"، وأن ناقلات النفط الايرانية تعبر مضيق هرمز ويرافقها زوارق الحرس الثوري الايراني على مرأى ومسمع من البحرية الأميركية. كما اعلنت بعض التقارير الايرانية أنه في ‏أول يوم من قرار ترامب "التصفيري"، تمّ تصدير أكثر من مليون و400الف برميل نفط ايراني... كلها رسائل إيرانية، تفيد بأن الايرانيين يملكون أوراق قوة متعددة ومستعدون لاستخدامها.

وبالرغم من تأكيد الجميع أن لا خيار عسكري مطروح مع ايران، واستبعاد قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني قيام الولايات المتحدة بشنّ حرب على بلاده، إلا أن التصعيد بات يسود في المنطقة ونجد التزامن في ما يلي:

- هجوم اسرائيلي على غزة، يقابله ردّ عنيف من قبل حماس والجهاد الاسلامي، واستهداف آلية عسكرية اسرائيلية بصاروخ كورنيت، ونجد أن المقاومة في غزة، باتت اليوم تبادر للرد على القصف الاسرائيلي بتصعيد عسكري، وانتهت الايام التي كانت فيها تتعرض الأراضي الفلسطينية للعدوان بدون ردّ.

ولا يمكن لأحد أن ينسى الدور الايراني في تأمين تلك الصواريخ وتأمين السلاح والمال لفصائل المقاومة في غزة، ما يعني أن التصعيد الفلسطيني في الرد على العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة يعطي صورة واضحة عما ستكون عليه حال المنطقة في حال دفع ترامب الى تصعيد عسكري مع ايران.

- تصعيد في الشمال السوري، وتسارع وتيرة التعزيزات التي يحشدها الجيش السوري حول إدلب بالتوازي مع عمليات تطهير وقصف لمواقع الإرهابيين أدت إلى هروب عدد كبير منهم نحو تركيا التي أخلت إحدى نقاط المراقبة.

وكان الإرهابيون قد تقدموا باتجاه نقاط الجيش السوري، بدعم من الجيش التركي، حيث وقعت قوة تركية في حقل ألغام، مما كبدها خسائر بشرية وجرحى، توسط على أثرها الأتراك لدى الروس لوقف النار لسحب الجرحى.

وهكذا، نجد أن تصاعد التوتر في المنطقة، يشي برسائل متبادلة بالحديد والنار بين أطراف الصراع الاقليمي، فالاعلان الاسرائيلي عن اغتيال ناشط رئيسي في تحويل الأموال من إيران إلى غزة، ورد الفلسطينيين المتصاعد والمحرج لنتنياهو، بالاضافة الى تصعيد الجيش السوري وإعلان استعداده لتطهير إدلب... ترسل رسائل واضحة لإدارة ترامب، بأن أي تصعيد في المنطقة لن يكون نزهة، وإذا كانت غزة المحاصرة والفصائل الفلسطينية تستطيع أن توجع الاسرائيليين، فلدى ايران العديد من الأوراق التي تستطيع لعبها في الوقت المناسب، ولن يسلم منها أي حليف للأميركيين، حتى اسرائيل.

 

المصدر: ليلى نقولا - الثبات