يتوجه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى منتجع سوتشي لمقابلة نظيره الروسي سيرغي لافروف، وتشير التقارير الى أنه سيلتقي بوتين أيضًا.

وكان التعاون غير المعلن بين الروس والاميركيين، قد سهّل الامور في ملفات كثيرة منها أفغانستان، وكوريا الشمالية التي زار رئيسها موسكو، واتفق معه على آلية لدفع الامور قدمًا في نزع الاسلحة النووية. كما في الانتخابات الاسرائيلية، حيث دعم كل من بوتين وترامب مجيء نتنياهو...وأخيرًا وليس آخرًا، مناطق خفض التوتر في سوريا والتي سمحت للجيش السوري باستعادة السيطرة، وفرض سلطته على ثلثي مساحة البلاد تقريبًا.

ورغم الانقسامات بشأن ملفات كثيرة، تكتسي زيارة بومبيو لروسيا أهمية لأسباب عدّة أهمها:

أولاً- انتهاء التحقيق الذي أجراه المدعي روبرت مولر، وإعلانه "براءة" الرئيس ترامب وفريقه من التورط في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية. وكان التقرير قد استنتج أن الروس تدخلوا فعلاً عبر الاعلام وقرصنة البيانات وغيرها.

وهكذا، وبعدما أزيل سيف التحقيق عن رقبته، يستطيع ترامب أن يدفع بالعلاقات مع روسيا قُدمًا، وهو ما افتتحه ترامب بمكالمة هاتفية مع بوتين ومدحها بأنها إيجابية، وأنه يصدق أن الروس لا يتدخلون في فنزويلا.

ثانيًا-  تزامنها مع التطورات في الموضوع السوري، حيث يبدو أن الروس قد اتفقوا بشكل مبدئي مع الاتراك والأميركيين، على تنفيذ غارات على الأوكار الارهابية في الشمال السوري.

وبشكل عام، يبدو أن اللقاء في سوتشي سيعالج موضوع إدلب بالتأكيد، إذ يصرّ الروس على التخلص من  البؤرة الارهابية في إدلب مهما كان الثمن... فماذا سيطلب الاميركيون بالمقابل لتسهيل تلك المهمة؟

نظرًا لما تشكّله فنزويلا من أهمية استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية، ونظرًا لما تشكّله أميركا اللاتينية خاصة في الاستراتيجيات الاميركية المتعاقبة منذ مبدأ مونرو ولغاية اليوم، قد يحاول الأميركيون الضغط على الروس في الموضوع الفنزويللي كثمن مقابل لتسهيل مهمة الروس والجيش السوري في تطهير إدلب، وإزالة الخطوط الحمر التي كان الأميركيون والأوروبيون قد وضعوها في أيلول من عام 2018، حين استقدم الجيش السوري تعزيزات لبدء الهجوم على إدلب.

لكن، ما الذي يستطيع بوتين تقديمه للأميركيين في فنزويلا؟

بغض النظر عن الدعم الروسي للحكم في فنزويلا، فإن دعم الجيش الفنزويللي لمادورو، يجعل من الصعب على الاميركيين الاطاحة به، لذا، لا يملك الروس الكثير لتقديمه في هذا الاطار، كون رأس مادورو ليس في أيديهم،  علمًا أن الدعم الذي يتلقاه مادورو من كوبا والصين يبدو أكبر من الدعم الروسي في هذا الاطار. أضف الى ذلك، إن النفوذ الروسي في فنزويلا سيشكّل نافذة للروس للتغلغل في أميركا اللاتينية، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لاستراتيجية بوتين للصعود الى القمة العالمية.

إذًا، ستتجه أنظار العالم للنتائج التي ستحققها زيارة بومبيو الى روسيا، ولكن - برأيي - لن تحصل تفاهمات كبرى بين الطرفين، وسيتم الاكتفاء بالتمهيد لتفاهمات جزئية، فالتفاهمات الكبرى يتركها ترامب للتفاوض عليها وقطفها بنفسه.

 

المصدر: ليلى نقولا - الثبات