مر لبنان في أزمة اقتصادية أدت الى اعتماد الحكومة اللبنانية لسياسات مالية تقشفية طالبت بالحد من الانفاق العام وبخصم معاشات العاملين في القطاع العام ما أدى إلى اضراب أساتذة الجامعة اللبنانية، والمدارس الثانوية الرسمية، وموظفي القطاع العام، والضمان الإجتماعي، وغيرها من القطاعات. 
وإن كانت هذه الأزمة ناجمة عن تراكم ثلاثة عقود من اعتماد لسياسات اقتصادية نيو ليبرالية وجهت الإقتصاد اللبناني نحو الخصخصة وإهمال قطاعي الزراعة والصناعة لصالح قطاع المال المتمثل بالمصارف إضافة إلى قكاع المضاربات العقارية، إضافة إلى سياسات الإقتراض وتوجيه القروض لتمويل المضاربات المالية والإستهلاك، فإن الضغوط الأميركية والتلويح بعقوبات ضد لبنان ساهم في تفجر هذه الأزمة. 
فالأزمة بدأت بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قبل أسابيع إلى لبنان ومطالبته الدولة بقبول توطين اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين إضافة الى عزل حزب الله في مقابل شطب الدول الغربية لجزء من دين لبنان والذي بلغ نحو مئة مليار دولار أميركي بما يساوي ضعفي الناتج المحلي القائم. 
ولأسباب عديدة رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير خارجيته الطروحات الأميركية، التي كان لها قبول عند بعض الأطراف اللبنانية الأخرى. عندها صدرت تصريحات بإمكانية فرض عقوبات مالية ومصرفية على لبنان، ما أدى بالقيادة اللبنانية إلى اتخاذ إجراءات إحترازية لم يتقبلها الجمهور اللبناني بغالبيته الساحقة، خصوصا أنها أتت على حساب الفئات الأقل ثراء وبحبوحة فيما راعت مصالح أصحاب المال والأعمال. 
والجدير ذكره أن الضغوط الأميركية على لبنان تأتي في وقت تصعد فيه واشنطن ضد طهران. وهي أرسلت حاملات طائرات وقوات عسكرية إلى منطقة الخليج في حركة استعراضية. 
وتريد واشنطن من هذا التصعيد ضد ايران وحزب الله تحييدهما عن التأثير في صفقة القرن التي تزمع اعلانها بعد اسابيع قليلة والتي تنوي الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من خلالها تصفية القضية الفلسطينية واعلان اسرائيل دولة لليهود وترحيل الفلسطينيين منها الى الدول المجاورة كمصر والأردن وسورية ولبنان. 
إضافة إلى ذلك فإن الولايات المتحدة تريد اخراج ايران من سورية، وتحييد حزب الله الذي تجد فيه تهديدا وجوديا لإسرائيل، بسبب قدرته على ضرب الداخل الإسرائيلي من جهة، ولأنه يشكل الدعامة الأولى لفصائل المقاومة الفلسطينية المعارضة لصفقة القرن من ناحية أخرى. 
ويرجح أن يكون مدى هذا التصعيد فترة الصيف وصولا إلى أوائل الخريف المقبل حين سيضطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تخفيف التزاماته الخارجية لتركيز انتباهه على حملة الإنتخابات الرئاسية التي تبدأ في تشرين ثاني المقبل، في مسعى منه للفوز بولاية رئاسية ثانية.

المصدر: اخبار 961