غفا سمير.. غفا بعد سنين النضال الطويلة.. غفا وعينه، كما كانت دائما صوب فلسطين. وربما، بل حتما ابتسم. ابتسم لأنه صدق وعده كما هي عادة القادة. غفا، بعيدا عن علي، عن العائلة التي قضت عمرا في انتظار عودته اسيرا محررا، وستكمل العمر بفخر انضمامها الى عوائل الشهداء.. غفا وفي قلبه نبض فلسطيني مكحل بياسمين الشام. 
هو العائد حرا اكثر فأكثر، المكلل بالف صلاة ودعاء، والحامل الف سلام لمن سبقوه على درب الشهادة.. لا بد سيقضي ليلته الاولى في السلام عليهم شهيدا تلو شهيد.. سيقبّل العماد الرضوان الذي قال فيه يوم استشهاده اننا لن نكون بمستوى دمائه ما لم نجعل الاسرائيليين يترحمون على ايامه.. ولا بد في استقباله هادي، يشم فيه عطر القائد الذي اشتاقه.. لا بد قوافل من الشهداء تنتظر البطل لتؤنسه وتطمئنه ان علياً امانة وان درب المقاومة مستمر حتى النصر.
غفا سمير.. غفوة ستطول، وما عاد الانتظار الذي اتقنته العائلة الا انتظار اللقاء حيث يجتمع الشهداء بعوائلهم، لمرة اخيرة، لقبلة اخيرة.. لضمة يشتم فيها بسام عطر اخيه ويحتفظ به نفسا في الروح الى الابد. 
لا يموت الشهداء، لا يموتون لكنهم يتظاهرون بالرحيل كي ينبت حيث خطوا الف خطوة على الدرب ذاتها.. وهو الوعد.. الوعد الصادق نفسه.. من لم يترك اسراه يثأر لشهدائه.. وفلسطين، فلسطينك ايها الجبل العاشق ارضها، تلوح لجثمانك وتقترب من جبينك بالحب تمسده.. من مثلك لا يرحل الا شهيدا.

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع